أدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، بشدة نشر رسم كاريكاتوري مثير للجدل في مجلة “ليمان” الساخرة، معتبراً إياه “استفزازًا حقيرًا يمس القيم الدينية”، وأكد أردوغان أن السلطات ستتخذ جميع الإجراءات القانونية بحق من أساءوا للأنبياء.
أردوغان: لن نسمح لأحد بالنيل من المقدسات الدينية
وقال أردوغان في تصريحات متلفزة: “لن نسمح لأي أحد بالنيل من قيمنا المقدسة، ومَن يُظهر عدم احترام لنبينا أو الأنبياء الآخرين سيحاسب أمام القانون”.

تفاصيل القضية وتوقيفات أمنية
تأتي تصريحات الرئيس التركي بعد أن أوقفت السلطات الأمنية في إسطنبول 4 من رسامي المجلة الساخرة، بينهم رئيس شؤون التحرير، على خلفية نشر كاريكاتير وصف بـ”المسيء للقيم الدينية”، أظهر فيما بدا أنه النبيين موسى ومحمد يتصافحان في السماء بينما تحلق الصواريخ حولهما، في مشهد مستوحى من الصراع الجاري في الشرق الأوسط.
وبحسب وكالة أنباء الأناضول الرسمية، فتحت النيابة العامة في إسطنبول تحقيقًا عاجلًا بتهمة “الإساءة العلنية للقيم الدينية”، وتم توقيف عدد من العاملين في المجلة، فيما يجري ملاحقة مدير المؤسسة داخل البلاد، بينما تبين أن مالك المجلة ومدير التحرير يقيمان حاليًا خارج تركيا.
توثيق الاعتقال وردود رسمية
وفي مشهد أثار جدلاً واسعًا، نشر وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا مقطع فيديو على منصة “إكس”، يُظهر اعتقال رسام الكاريكاتير دوجان بيليفان، حيث ظهر ضباط الشرطة وهم يسحبونه مكبل اليدين على درج أحد المباني.
وقال الوزير إن هذه الإجراءات تأتي “في إطار تطبيق القانون والدفاع عن القيم الدينية للمجتمع التركي”.
اقرأ أيضًا:
جهاز الشاباك يعتقل زوجين إسرائيليين بتهمة التجسس لصالح إيران
مجلة ليمان ترد وتوضح نواياها
من جانبها، نشرت مجلة “ليمان” بيانًا على حسابها الرسمي على منصة “إكس”، قدّمت فيه اعتذارًا للقراء الذين شعروا بالإساءة من الكاريكاتير، مشيرة إلى أن الرسم قد “أُسيء فهمه”.
وأوضح البيان أن الرسام بيليفان كان يحاول تسليط الضوء على “معاناة مسلم قُتل في الهجمات الإسرائيلية”، ولم يكن الهدف من الرسم الإساءة للدين الإسلامي أو أي نبي.
وطالبت المجلة في بيانها السلطات القضائية بـ”التحرك ضد حملة التشويه التي تتعرض لها”، داعية في الوقت ذاته إلى حماية حرية التعبير التي يكفلها الدستور التركي.
حرية التعبير في مواجهة قدسية الرموز الدينية
تأتي هذه الواقعة في سياق نقاش متجدد في تركيا حول حدود حرية التعبير وحرمة الرموز الدينية، لا سيما بعد أن شهدت البلاد في السنوات الأخيرة قضايا مشابهة أثارت ردود فعل متباينة بين مؤيدين لحماية المقدسات، ومدافعين عن الحريات الفنية والصحفية.
ويرى مراقبون أن التعامل الأمني السريع مع القضية يعكس حساسية الحكومة التركية تجاه القضايا الدينية، لاسيما في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة، وارتفاع حدة الخطاب السياسي والديني في البلاد.
تتفاعل قضية الرسم الكاريكاتوري الذي نشرته مجلة “ليمان” على مستويات متعددة؛ قانونية، دينية، إعلامية وسياسية، وسط وعود رئاسية بـ”عدم التهاون”، وبيان اعتذار من المجلة التي تصرّ على أن نواياها قد أُسيء تفسيرها. ويبدو أن المسألة مرشحة لمزيد من الجدل، بين ما يُعتبر “مساسًا بالمقدسات”، وما يُرى على أنه “حق في التعبير الفني”.