تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات الأسبوع الجاري، متأثرة بجملة من العوامل المتداخلة، على رأسها الارتفاع المتتالي في مخزونات الخام الأمريكية، واستمرار حالة الضبابية الجيوسياسية في عدد من المناطق المؤثرة في أسواق الطاقة العالمية.

أسعار النفط
سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تراجعاً ملحوظاً، ليقترب من مستوى 61 دولاراً للبرميل، بعد أن خسر نحو 2% من قيمته خلال الجلستين السابقتين. في المقابل، أغلق خام برنت القياسي دون حاجز 65 دولاراً، متأثراً بموجة من الضغوط السلبية التي تحد من صعود الأسعار.
ارتفاع المخزونات الأمريكية يفاقم الضغوط
وأظهرت البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن المخزونات التجارية من الخام ارتفعت للأسبوع الثاني على التوالي، في مؤشر سلبي يعكس ضعف الطلب المحلي، لا سيما على البنزين والديزل، مع اقتراب موسم القيادة الصيفي الذي يُعد تقليديًا من فترات الذروة في استهلاك الوقود.
هذا الارتفاع غير المتوقع في المخزونات زاد من المخاوف بشأن توازن العرض والطلب، وطرح تساؤلات حول مدى قدرة السوق على امتصاص كميات النفط الإضافية، خصوصاً في ظل تباطؤ مؤشرات الاستهلاك على مستوى العالم.
اقرأ أيضًا
الاتحاد الأوروبي يخفض توقعات النمو في منطقة اليورو وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية
ضغوط إضافية من “أوبك+”
من جانب آخر، تستمر منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” وحلفاؤها فيما يُعرف بتحالف “أوبك+” في زيادة الإنتاج تدريجياً، ضمن خطة لاستعادة الحصص السوقية التي فقدت خلال جائحة كورونا.
ومع أن هذه السياسة تهدف إلى موازنة السوق على المدى المتوسط، إلا أنها تضيف المزيد من الضغوط على الأسعار في الوقت الراهن، خاصة مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وعودة الإغلاقات الجزئية في بعض الدول نتيجة الموجات الجديدة من فيروس كورونا.
ورغم أن العوامل الجيوسياسية عادةً ما تُشكل دعماً لأسعار النفط، إلا أن الغموض الحالي يزيد من حالة الترقب. فقد تعثرت المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، ما يقلل من احتمالية عودة النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية في المدى القريب. وفي المقابل، تلوح في الأفق بوادر لانفراج محتمل في الأزمة الروسية الأوكرانية، ما قد يؤدي إلى تخفيف العقوبات على موسكو وبالتالي ضخ مزيد من النفط الروسي في الأسواق.
توقعات مستقبلية حذرة
يرى محللون أن السوق تمر بمرحلة دقيقة، تتطلب مراقبة لصيقة للعوامل الأساسية والفنية على حد سواء. وتشير بعض التقديرات إلى أن استمرار تكدّس المخزونات، بالتزامن مع تراجع شهية المستثمرين، قد يدفع الأسعار إلى مزيد من التراجع خلال الأسابيع المقبلة، ما لم تظهر مؤشرات قوية على انتعاش الطلب أو حدوث اضطرابات حقيقية في الإمدادات.