في اعتراف مؤثر ومليء بالشجاعة، كشفت الممثلة البريطانية الشهيرة أوليفيا ويليامز، بطلة مسلسل The Crown، للمرة الأولى عن تفاصيل رحلتها الطويلة والمؤلمة مع سرطان البنكرياس النادر، بعد سنوات من المعاناة مع التشخيصات الخاطئة والإهمال الطبي.
وخلال لقاء خاص مع صحيفة The Times البريطانية، تحدثت أوليفيا ويليامز، البالغة من العمر 56 عامًا، عن التجربة القاسية التي مرت بها، محذرة من تجاهل الأعراض الصحية ومشددة على أهمية الفحوصات المبكرة. وقالت: “ربما فات الأوان بالنسبة لي، لكن هدفي اليوم أن أحذر الآخرين، خاصة من تجاوزوا الأربعين، من تجاهل أي إشارة من أجسادهم”.

أوليفيا ويليلمز تروي سنوات من الألم وتشخيصات خاطئة
بدأت معاناة أوليفيا قبل أكثر من عشر سنوات، حيث واجهت أعراضًا مزمنة ظلت دون تفسير واضح. وأشارت إلى أنها دخلت في “دوامة من الفحوصات والتشخيصات الخاطئة” التي تنوعت ما بين أعراض سن اليأس، متلازمة القولون العصبي، وحتى الذئبة. بل إن أحد الأطباء أوصى بإحالتها للتقييم النفسي، واصفًا شكواها بأنها “مبالغ فيها”.
وأضافت: “لو أن أحدًا صدقني حينها، وشخص حالتي كما ينبغي، لكانت عملية جراحية واحدة كفيلة بإنهاء الورم قبل أن ينتشر. اليوم، لا يمكنني القول إنني خالية من السرطان”.
التشخيص أخيرًا.. بعد زيارة 10 أطباء في 3 دول
عانت الفنانة أوليفيا ويليامز من تجاهل مستمر، واضطرت إلى زيارة عشرة أطباء في ثلاث دول، حتى تمكن طبيب جهاز هضمي في لوس أنجلوس من الوصول إلى التشخيص الصحيح. وأجرى الطبيب فحصًا لهرمون نادر، تلاه تصوير مقطعي وخزعة كشفت عن إصابتها بـ”ورم فيبوما العصبي الصماوي”، وهو نوع نادر جدًا يصيب حالة واحدة من بين كل مليون شخص سنويًا.
لكن التأخر في التشخيص سمح للورم بالانتشار إلى الكبد، وبدأت تظهر نقائل في مناطق متعددة، مما اضطرها إلى الخضوع لعدة عمليات جراحية شملت إزالة أجزاء من المرارة والبنكرياس والطحال والكبد.
“نلعب لعبة اصطياد النقائل”
وصفت أوليفيا ويليامز حالتها قائلة: “نحن نلعب لعبة اصطياد النقائل كلما ظهرت، مثل لعبة whack-a-mole”. وعلى مدار ثلاث سنوات متتالية، كانت النقائل تظهر في أماكن قريبة من أوعية دموية رئيسية، ما جعل من الصعب استهدافها بالعلاج، وأجبرها على فترات من “الجلوس والمراقبة”، وهو ما وصفته بـ”الشعور الفظيع”.
علاج إشعاعي داخل غرفة العزل
من أقسى مراحل العلاج التي مرت بها، كان العلاج الإشعاعي الداخلي الموجه، وهو إجراء يتم في بيئة مشددة الحماية. وقالت: “أدخل غرفة في مستشفى كينغز كوليدج، يدخل عليّ أشخاص يرتدون بدلات واقية من المواد الخطرة، يحملون صندوقًا من الرصاص يحتوي على مادة مشعة يتم حقنها في جسدي، فأصبح أنا نفسي مشعة”. بعدها، تقضي أسبوعين في عزلة تامة، منعًا لتعرض الآخرين للإشعاع.
وأوضحت أن هذا العلاج كان من المفترض أن يمنحها “عامًا أو اثنين أو ثلاثة من الراحة”، وربما يوقف انتشار النقائل، إلا أن النتيجة لم تكن كما توقعت.
رسالة أمل ومشاركة في ماراثون لندن
ورغم معركتها المستمرة مع المرض، لم تفقد أوليفيا ويليامز حسها الإنساني ولا إحساسها بالمسؤولية، إذ أعلنت عن مشاركتها في ماراثون لندن دعمًا لمؤسسة سرطان البنكرياس في المملكة المتحدة. وقالت: “لا أبحث عن التعاطف، بل أطالب بفحص رخيص ومبكر يمكن أن ينقذ الحياة”.
واختتمت أوليفيا حديثها برسالة مؤثرة: “ربما لا يمكنني تغيير مصيري، لكن يمكنني أن أغير مصير الآخرين”.
حين يتحول الألم إلى رسالة حياة
في عالم تسير فيه التشخيصات الطبية أحيانًا على خيط رفيع بين الدقة والإهمال، تحولت تجربة أوليفيا ويليامز من قصة ألم إلى منارة أمل. فبين كل جراحة وعزلة وعلاج، لم تكن فقط تحارب السرطان، بل كانت تحارب الصمت. صمت الأطباء، وصمت المجتمع، وصمت الخوف.
قصتها ليست فقط عن مرض نادر، بل عن صوت يجب أن يُسمع، ووجع لا يجب أن يُهمَل، وأعراض لا ينبغي تجاهلها. ففي كلماتها رسالة تتجاوز شخصها: “ربما لا أستطيع النجاة، لكن يمكنني أن أنقذ غيري”.
هكذا اختارت أوليفيا ويليامز أن تكون أقوى من المرض، وأن تُحوّل جراحها إلى وقود لرفع الوعي، لتصبح لا مجرد فنانة على الشاشة، بل بطلة في الواقع… تحارب من أجل حياة الآخرين.
اقرأ أبضًا:
الفنان عبدالله الرويشد يغادر إلى ألمانيا لاستكمال رحلة العلاج وسط دعوات محبيه