أعلنت الحكومة الإسبانية، اليوم الثلاثاء، عن موافقتها رسميًا على مرسوم ملكي يسمح باستخدام الأدوية التي تحتوي على القنب الطبي المستخلص من نفس نبتة “الحشيش”، في خطوة تاريخية تعد الأولى من نوعها في البلاد، وتنهي سنوات من الجدل حول إمكانية اعتماد هذا النبات في الأغراض العلاجية.
ووفقًا لما نشرته صحيفة Sur in English الإسبانية الناطقة بالإنجليزية، فإن هذا القرار الذي قدمته وزارة الصحة الإسبانية يمثل إنجازًا غير مسبوق في الإطار التشريعي، حيث يضع تنظيمًا دقيقًا لصيغة طبية طالما أثارت نقاشًا واسعًا بين الأوساط السياسية والعلمية.
وبحسب المرسوم، ستكون الأدوية المستخلصة من القنب الطبي متاحة فقط لفئات محددة من المرضى الذين يعانون من مشكلات صحية معينة وتحت شروط صارمة، ومن بين هذه الحالات: الألم المزمن، والصرع الحاد، ومرض التصلب المتعدد.
كما أوضحت وزيرة الصحة الإسبانية مونيكا غارثيا أن الحكومة تسعى إلى “تحديد جرعة دقيقة” لكل مريض لضمان فعالية العلاج، مشددة على أن الهدف ليس توسيع نطاق الاستخدام، بل تقنينه ضمن الإطار الطبي والعلمي فقط.
ضوابط دقيقة وتركيبة محددة للمكونات النشطة
أكدت وزارة الصحة أن الوكالة الإسبانية للأدوية والمنتجات الصحية ستتولى إدارة سجل وطني مفصل لتوثيق تركيبة كل دواء يحتوي على القنب، لضمان الشفافية وتتبع الاستخدام.
وتفرض اللوائح الجديدة حدودًا صارمة على نسب المكونات الكيميائية النشطة في القنب، إذ يجب أن تتوافق المنتجات مع تركيبة محددة من مادتي تتراهيدروكانابينول (THC) وكانابيديول (CBD).
وفي حال تجاوز محتوى مادة (THC) نسبة 0.2%، فسيُفرض معدل ضريبي أعلى على المنتج في جميع مراحل تداوله، بدءًا من التصنيع وحتى البيع.
ويأتي هذا الإجراء لضمان عدم إساءة استخدام القنب لأغراض غير طبية، مع الحفاظ على مستوى فعالية يحقق التوازن بين العلاج والسلامة.
فوائد طبية مثبتة وتطبيق تحت رقابة مشددة
على الرغم من أن القنب لا يزال خاضعًا للتنظيم الدولي الصارم، إلا أن المرسوم الإسباني الجديد استند إلى دراسات علمية حديثة تؤكد فعاليته في بعض الاستخدامات الطبية، مثل تخفيف الآلام المزمنة، والحد من القيء الناتج عن العلاج الكيميائي، بالإضافة إلى المساعدة في حالات الصرع المقاوم للعلاج التقليدي.
ومع ذلك، شددت وزارة الصحة على أن استخدام القنب سيبقى مقيدًا بحالات معينة وبجرعات منخفضة تمنع خطر الإدمان أو التعود.
وسيُشرف على كل حالة طبيب مختص يراقب فعالية العلاج والآثار الجانبية المحتملة لضمان الاستخدام الآمن.
كما سيخضع النظام الجديد لمتابعة مستمرة من قبل السلطات الصحية لضبط أي تجاوزات أو استخدامات غير مشروعة، ما يجعل التجربة الإسبانية نموذجًا متوازنًا بين الانفتاح العلمي والانضباط القانوني.
تطبيق فوري وتوسيع فرص الوصول للمرضى
من المقرر أن يدخل القرار حيز التنفيذ فورًا، مع منح الحكومات الإقليمية في إسبانيا الصلاحية لإنشاء أنظمة مراقبة لتوزيع الأدوية وضمان وصولها للمرضى الذين يحتاجونها، خاصة أولئك المقيمين في مناطق نائية أو الذين يواجهون صعوبات في التنقل.
وسيسمح النظام الجديد بإيجاد حلول مبتكرة لتوصيل الأدوية عن بُعد بما يضمن الاستفادة الواسعة دون المساس بالرقابة الصارمة.
وترى وزارة الصحة الإسبانية أن هذا القرار يمثل الخطوة الأولى نحو تقنين منظم لاستخدام القنب الطبي، بعد أن كان لعقود طويلة مادة مرفوضة في الاستخدامات العلاجية.
كما تعتبر هذه الخطوة فرصة لإثبات فعالية وموثوقية الأدوية التي تعتمد على القنب، وفق أحدث المعايير العلمية.
وأكدت الوزارة أن الهدف النهائي هو تقديم علاجات أكثر تخصيصًا ودقة تراعي احتياجات المرضى وتحسن جودة حياتهم، دون الإخلال بمبادئ السلامة العامة.
اقرأ ايضًا…أطباء الجلد يحذرون: روتينات الاستحمام الفاخرة تضرّ بالبشرة والبيئة