أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الاثنين، رفع حالة الطوارئ المفروضة على الجبهة الداخلية في جنوب إسرائيل، وذلك للمرة الأولى منذ الهجمات التي شنتها حركة “حماس” في 7 أكتوبر 2023، والتي كانت الشرارة الأولى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ويُعدّ القرار تحولًا أمنيًا بارزًا بعد أكثر من عام من التأهب القصوى والإجراءات الاستثنائية التي فُرضت على المدن والمستوطنات القريبة من القطاع، والتي عاشت تحت قيود أمنية مشددة منذ بدء الحرب.

تفاصيل القرار الإسرائيلي الجديد
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية عن كاتس قوله إن رفع حالة الطوارئ يأتي في ضوء تقييمات أمنية حديثة تشير إلى تراجع مستوى التهديدات المباشرة من غزة، رغم استمرار الجيش الإسرائيلي في مراقبة الأوضاع الميدانية بدقة تحسبًا لأي تصعيد محتمل.
كما أكدت صحيفة “إسرائيل هيوم” أن هذا القرار ينهي أكثر من عام من حالة الطوارئ الخاصة المفروضة على الجبهة الداخلية الجنوبية، والتي أُعلنت عقب هجوم عناصر من حركة “حماس” على مستوطنات ومدن إسرائيلية في محيط غزة في السابع من أكتوبر 2023.
وبحسب الصحيفة، فإن رفع التأهب لا يعني نهاية الحرب تمامًا، بل يعكس تراجع التهديد الفوري من القطاع مع استمرار العمليات العسكرية المحدودة ومهام المراقبة الجوية والاستخباراتية في المنطقة.
تصريحات كاتس: “إعادة الرهائن وتدمير أنفاق الإرهاب”
وفي منشور له عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي على أن المهمة الأخلاقية الأولى لإسرائيل تتمثل في إعادة جميع الرهائن والقتلى إلى ديارهم، مؤكدًا أن الحكومة والجيش سيواصلان العمل “دون هوادة” لتحقيق هذا الهدف.

وأضاف كاتس أن المهمة الاستراتيجية العليا للمرحلة الراهنة تتمحور حول “تكريس النصر العسكري ضد حركة حماس”، عبر تدمير أنفاق الإرهاب بالكامل التي قال إن 60% منها لا تزال قائمة، إلى جانب العمل على نزع سلاح الحركة بالكامل.
تنسيق إسرائيلي – أمريكي بشأن الوضع في غزة
وأوضح كاتس أن الجهود الميدانية والعسكرية الإسرائيلية تتزامن مع حوارات مكثفة مع الإدارة الأمريكية، تشمل نائب الرئيس ووزيري الخارجية والدفاع، إضافة إلى مبعوثي الرئيس الأمريكي وقادة القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم).
وأشار إلى أن هذه اللقاءات تهدف إلى توحيد المواقف حول الخطوات المقبلة في قطاع غزة، وخاصة ما يتعلق بتدمير الأنفاق ونزع سلاح حماس، وتنفيذ خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمعالجة القضايا الأمنية والإنسانية في المناطق التي تخضع للنفوذ الأمريكي والإسرائيلي.
اقرأ أيضًا:
محمود عباس يمهّد لخلافته| حسين الشيخ رئيساً مؤقتاً للسلطة الفلسطينية في حال شغور المنصب
أكثر من عامين من الحرب على غزة
تأتي هذه التطورات في ظل مرور أكثر من عامين على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي أسفرت – بحسب بيانات رسمية فلسطينية – عن استشهاد أكثر من 68 ألف فلسطيني وإصابة ما يزيد على 170 ألفًا آخرين، إلى جانب دمار واسع في البنية التحتية للقطاع وتدهور حاد في الأوضاع الإنسانية.

ومنذ نهاية عام 2023، خضعت المناطق الجنوبية الإسرائيلية، ولا سيما سديروت وعسقلان وأشكول وشاعر هنيغف، لإجراءات طوارئ مشددة، شملت إخلاءات متكررة وتعليق الدراسة وإغلاق الطرق، إلى أن جاء قرار كاتس الأخير ليُخفف القيود للمرة الأولى.
ويرى محللون إسرائيليون أن رفع حالة الطوارئ يعكس تغيرًا في ميزان الردع الإسرائيلي وتراجع التهديدات من غزة، لكنه لا يعني بالضرورة استقرارًا دائمًا في الجنوب.
ويؤكد الخبراء أن القرار يحمل أيضًا رسائل سياسية داخلية، إذ يسعى كاتس إلى إظهار نجاح سياساته الأمنية بعد توليه وزارة الدفاع خلفًا ليوآف غالانت، إلى جانب رغبة الحكومة في تهدئة الجبهة الداخلية قبل أي تصعيد جديد محتمل في الشمال مع حزب الله.
بهذا القرار، تطوي إسرائيل صفحة استمرت أكثر من عام من الاستنفار الأمني غير المسبوق، فيما تظل ملفات الرهائن والأنفاق وإعادة إعمار غزة محاور أساسية في أي تسوية مستقبلية محتملة.
وبينما يرى البعض أن رفع حالة الطوارئ يمثل مؤشرًا على تراجع المخاطر من غزة، يعتبره آخرون خطوة تكتيكية مؤقتة في صراع لم تضع أوزاره بعد.
