في تصعيد جديد يُنذر بتوسّع دائرة التوتر في الشرق الأوسط، أعلن الجيش الإسرائيلي، رفع حالة التأهب في بعض وحداته تحسّبًا لهجمات انتقامية قد تشنها جماعة الحوثي اليمنية، وذلك عقب مقتل رئيس الحكومة الحوثية أحمد الرهوي وثمانية وزراء في غارة جوية إسرائيلية نُفذت الخميس الماضي.
وأكد الجيش الإسرائيلي، وفقًا لما نقلته صحيفة جيروزاليم بوست، أنه اتخذ إجراءات لتعزيز قدراته الدفاعية في مناطق حساسة، وسط تقديرات استخباراتية تُشير إلى احتمالية ردّ انتقامي من الحوثيين، رغم ما وصفته الصحيفة بمحدودية الترسانة العسكرية المتوفرة لدى الجماعة اليمنية، وعدم وضوح عدد منصات الإطلاق التي تملكها.

إسرائيل تستنفر والحوثيون يتوعدون
كانت الغارة التي نُفذت الخميس قد استهدفت اجتماعًا لقيادات حوثية في صنعاء، وأسفرت عن مقتل أحمد الرهوي، الذي يشغل منصب رئيس حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا، إلى جانب ثمانية من الوزراء البارزين في حكومته. وقد شكل هذا الهجوم تطورًا لافتًا في نمط المواجهة، حيث نادراً ما كانت إسرائيل تُعلن أو تُتهم بتنفيذ عمليات مباشرة ضد أهداف داخل الأراضي اليمنية.
تهديدات بالثأر من الحوثيين
في أعقاب العملية، خرج مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، بتصريحات حادة وصف فيها الغارة بـ”العدوان السافر”، متوعدًا بالرد، ومؤكدًا أن “دماء القادة لن تذهب سدى”. واعتبر المشاط أن الهجوم الإسرائيلي يستدعي تصعيدًا مباشرًا ضد أهداف إسرائيلية، سواء داخل الأراضي المحتلة أو عبر البحر الأحمر، حيث سبق للحوثيين تنفيذ هجمات على سفن تجارية مرتبطة بإسرائيل.

الحسابات الإسرائيلية
من جانبها، تتعامل إسرائيل بجدية مع تهديدات الحوثيين، رغم التقديرات بأن قدراتهم العسكرية لا تضاهي قدرات قوى إقليمية أخرى كإيران أو حزب الله. لكن، بحسب محللين عسكريين إسرائيليين، فإن الحوثيين أظهروا خلال الشهور الماضية قدرة على تنفيذ هجمات عبر مسافات بعيدة باستخدام صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، بعضها استهدف سفنًا إسرائيلية أو أمريكية في البحر الأحمر.
ويُذكر أن جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، أعلنت منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023 دعمها الصريح لحركة حماس، ونفذت سلسلة هجمات بحرية استهدفت السفن المرتبطة بإسرائيل، وهو ما دفع التحالف الغربي بقيادة واشنطن إلى تنفيذ ضربات متكررة ضد مواقع الحوثيين في اليمن.

المنطقة على حافة تصعيد جديد
في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان الحوثيون سيقدمون بالفعل على رد مباشر ضد إسرائيل، أو أن التصريحات الصادرة هي للاستهلاك الإعلامي والتعبئة الداخلية. وفي كل الأحوال، تؤكد إسرائيل أنها لن تتهاون مع أي تهديد، حتى لو جاء من عمق اليمن، في إشارة إلى أنها مستعدة لتوسيع رقعة المواجهة إذا لزم الأمر.
مع اشتداد التوترات الإقليمية واتساع رقعة الصراعات المرتبطة بالحرب في غزة، يبدو أن المنطقة تدخل مرحلة جديدة من التعقيد، حيث تتداخل الجبهات وتتشابك المصالح، في مشهد قد ينذر بمزيد من التصعيد المفتوح بين إسرائيل وحلفاء إيران، وفي مقدمتهم جماعة الحوثي.