تصاعدت اليوم الأحد غارات وهجمات إسرائيلية مكثفة على مناطق عدة في قطاع غزة، بعد إعلان حركة حماس قبولها مبدئياً بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب، بينما تستعد أطراف لعقد جولة مفاوضات غير مباشرة تبدأ غداً في مصر لبحث صفقة تبادل الأسرى، على الأرض، تستمر الخسائر البشرية والمادية، فيما تبدو رسالة القيادة العسكرية الإسرائيلية واضحة: الاستعداد للاستمرار بالعمليات ما لم يثمر المسار السياسي عن نتائج تحقق أهدافها.
ملخص مجريات اليوم وأرقام الضحايا
أفاد مصدر طبي في مستشفيات قطاع غزة بوقوع 19 قتيلاً منذ فجر اليوم الأحد نتيجة قصف ورصاص من قوات الاحتلال، وتم نقلهم إلى مستشفيات الشفاء (8)، المعمداني (3)، العودة (2)، شهداء الأقصى (1)، وناصر (4).
وقد شهدت أحياء الصبرة والجلاء والثلاثيني ومخيم المغازي ومناطق شرقي وادي غزة وشمال خان يونس غارات ومدفعية، وتم تدمير جامعة الأزهر بالكامل في مدينة غزة ونشوب أضرار واسعة في منازل ومبانٍ سكنية ومرافق عامة نتيجة القصف.

كما قصفت مدفعية تجمعات لمواطنين كانوا في انتظار مساعدات إنسانية، ما تسبب بإصابات بين المدنيين، ونقلت “إسرائيل اليوم” عن مصدر سياسي إسرائيلي أن الوسطاء طلبوا وقف القصف لتجميع الرهائن الأحياء والجثامين، بينما تتناقض تصريحات المسؤولين الإسرائيليين مع واقع الاستمرار في العمليات على الأرض.
الموقف العسكري الإسرائيلي: استمرار الضغط وتحويل المكاسب لسياسة
أوضح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير خلال جولة ميدانية أن الجيش لن يعود إلى حالة ما قبل 7 أكتوبر 2023، وأن إسرائيل تعمل على إعادة تشكيل الواقع في الساحات الإقليمية. وأضاف أن الهجوم سيكون مستمراً إذا فشل المسار السياسي، وأن المعركة لم تنتهِ ويجب الحفاظ على اليقظة والجاهزية القتالية.
كما شدّد زامير على أن نجاح إطلاق الرهائن سيكون “إنجازًا مهمًا” لكنه ليس بديلاً عن تحقيق الأهداف الحربِية، مؤكدًا أن الجيش سيحتفظ بمرونة عملياتية والقدرة على العودة للقتال عند الضرورة.

موافقة حماس وخلافات في التوقعات الإسرائيلية
أبلغت حركة حماس قبولًا مبدئيًا بخطة ترامب حول آليات وقف الحرب وتبادل الأسرى، وهو ما فتح الباب لاتفاقات فنية حول إطلاق رهائن مقابل سجناء ومحتجزين فلسطينيين.
أما إسرائيل على الرغم من الحديث عن احتمال إطلاق رهائن خلال الأيام المقبلة، لم تتبنَ قيادة إسرائيلية موقفًا واضحًا للتوقف الكامل عن العمليات، ما خلق تناقضاً بين الموقف السياسي والعمليات العسكرية على الأرض.
وعلى الجانب الآخر، تستعد الوساطة المصرية والقطرية والأمريكية لاستضافة جولة مفاوضات غير مباشرة تبدأ غداً في مصر، بتركيز على آليات تبادل الرهائن ووقف مؤقت للأعمال القتالية.
اقرأ أيضًا:
مفاوضات شرم الشيخ بين إسرائيل وحماس.. صفقة الأسرى وخطة ترامب تحت المجهر
تأثير التصعيد على المدنيين والبنية الإنسانية
التصعيد الأخير أدى إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية (إمدادات طبية، مأوى، مياه)، لا سيما مع تدمير مؤسسات تعليمية وجامعات، وتعقيد جهود وصول المساعدات نتيجة القصف المستمر واستهداف تجمعات النازحين، كذلك تفاقم معاناة الجرحى والمرضى نتيجة الضغط على المستشفيات ونفاد بعض الموارد.
سيناريوهات واحتمالات التصعيد أو التهدئة
نجاح الوساطة وإطلاق رهائن محدود، قد يؤدي إلى تهدئة مؤقتة وإتاحة إطار تفاوضي أوسع، لكن التهدئة ستكون هشّة ما لم تُحل قضايا جوهرية (الانسحاب وحدود الإدارة المستقبلية لقطاع غزة).
أما فشل التفاهم السياسي، سيُعيد الاحتلال إلى خيارات عسكرية أوسع وفق تصريحات قيادتها، ما يزيد من احتمالات دوامة تصعيد طويلة الأمد.
وفي حال التوصل لحل وسط عسكري-سياسي، سيستمر العمل العسكري مع تخفيف نسبي للضربات في مناطق محددة لتسهيل عمليات تبادل رهائن — وهو ما بدا أنه يحدث جزئياً لكن دون وقف شامل.
اليوم تُظهر الوقائع تبايناً صارخاً بين المواقف السياسية والإيحاءات الدبلوماسية من جهة، والواقع الميداني على الأرض من جهة أخرى. الموافقة المبدئية لحماس على خطة ترامب وبدء محادثات تبادل الأسرى في مصر قد يفتح نافذة إنسانية وسياسية قصيرة، لكن استمرار القصف والإصرار العسكري الإسرائيلي كما عبر عنه رئيس الأركان يشيران إلى أن الطريق نحو اتفاق مستدام يتطلب مزيداً من الضغوط الدولية وتوافقاً سياسياً واضحاً يسبق أي وقف دائم للقتال.