وسط تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، حذر خبراء من تداعيات خطيرة قد تنجم عن استهداف المنشآت النووية الإيرانية، مؤكدين أن الخطر الأكبر يكمن في احتمال ضرب مفاعل بوشهر، ما قد يؤدي إلى كارثة نووية واسعة النطاق.
إسرائيل توجه ضربات محدودة للمنشآت النووية حتى الآن
وأفادت وكالة رويترز بأن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، التي استهدفت منشآت نووية في نطنز وأصفهان وآراك وطهران، تسببت حتى الآن في أضرار مادية، لكن من دون تسرب إشعاعي مؤكد، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وبينما نفت إسرائيل في البداية استهداف مفاعل بوشهر، عادت وأكدت أن الإعلان كان “خطأ”، ما أثار تساؤلات عن نوايا تل أبيب في توسيع حملتها لتشمل أخطر منشأة نووية في البلاد.
تحذيرات علمية من كارثة محتمَلة
وأعرب عدد من الخبراء الدوليين عن قلقهم إزاء احتمال استهداف مفاعل بوشهر، وهو محطة الطاقة النووية الوحيدة في إيران، ويحوي كميات كبيرة من الوقود النووي.
وقال جيمس أكتون، المدير المشارك لبرنامج السياسات النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي:
“أي هجوم على بوشهر قد يسبب كارثة إشعاعية كاملة. بخلاف منشآت التخصيب، التي تحتوي على مواد غير مشعة نسبياً، فإن مفاعل بوشهر يحتوي على مواد قد تنبعث في الهواء أو البحر في حال تعرضه للقصف.”

أضرار في منشآت نووية أخرى
وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوقوع أضرار في منشآت تخصيب اليورانيوم في نطنز وأصفهان، ومجمع إنتاج أجهزة الطرد المركزي في كرج وطهران، إلى جانب منشأة آراك، المعروفة أيضاً باسم خُنداب، التي ما زالت قيد الإنشاء.
لكن الوكالة أكدت أن معظم المواقع المتضررة لم تكن في طور التشغيل، ولم تُسجَّل أي مؤشرات على تسرب إشعاعي حتى الآن.
مخاطر كيميائية لا إشعاعية
من جهتها، أشارت داريا دولزيكوفا، كبيرة الباحثين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إلى أن معظم الهجمات طالت مواقع تُستخدم في المراحل المبكرة من دورة الوقود النووي، ما يجعل مخاطرها “كيميائية في الأساس وليست إشعاعية”.
اقرأ أيضًا:
جواسيس وتقنيات الذكاء الاصطناعي.. أسوشيتيد برس تكشف كيف خططت إسرائيل ونفذت هجومها على إيران
وشرحت أن مادة سادس فلوريد اليورانيوم، المستخدمة في التخصيب، قد تنتج مركبات ضارة عند تفاعلها مع الرطوبة في الهواء، لكنها غير مشعة تقريباً ولا تنتقل لمسافات بعيدة.
القلق الأكبر: بوشهر
ومع ذلك، يتفق الخبراء على أن الخطر الحقيقي يكمن في مفاعل بوشهر. وقال ريتشارد ويكفورد، أستاذ علم الأوبئة في جامعة مانشستر: “التلوث الناجم عن الهجمات على منشآت التخصيب يُعد مشكلة كيميائية محلية، أما ضرب مفاعل طاقة نووية كبير فقد يؤدي إلى إطلاق مواد مشعة على نطاق واسع.”

أما سايمون بينيت، رئيس وحدة السلامة والأمن المدني في جامعة ليستر، فوصف احتمال استهداف بوشهر بأنه “تصرف متهور”، مضيفاً أن أي خرق لقلب المفاعل قد يؤدي إلى إطلاق إشعاعات في الغلاف الجوي.
هل تجاوزت إسرائيل الخط الأحمر؟
ورغم نفي إسرائيل نيتها إحداث كارثة بيئية، يرى محللون أن استمرار الهجمات على منشآت حساسة يفتح الباب أمام تصعيد خطير قد يمتد أثره إلى دول الجوار، ويزيد من تعقيد الأزمة الإقليمية.
ومع تضارب التصريحات بين الجانبين، يبقى القلق الدولي قائماً، وسط دعوات متزايدة لضبط النفس وتجنب ضربات قد تنزلق نحو كارثة لا تُحمد عقباها.