أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، يوم الإثنين، أن إسرائيل مهتمة بـ تطبيع العلاقات مع كل من سوريا ولبنان، في إطار مساعيها لتوسيع دائرة اتفاقات السلام التي بدأت مع اتفاقات إبراهام عام 2020، مشدداً في الوقت ذاته على أن هضبة الجولان السورية المحتلة ستظل جزءاً لا يتجزأ من السيادة الإسرائيلية، في أي اتفاق سلام محتمل.
إسرائيل تبدي اهتمامها بـ تطبيع العلاقات بالمنطقة
وقال ساعر خلال مؤتمر صحفي عقده في القدس: “إسرائيل مهتمة بتوسيع نطاق اتفاقات إبراهام ودائرة السلام وتطبيع العلاقات في المنطقة… لدينا مصلحة في ضم دول جديدة، مثل سوريا ولبنان، إلى هذه الدائرة، مع الحفاظ الكامل على المصالح الأمنية والسيادية لإسرائيل”.

ساعر: الجولان.. خط أحمر
وجدد الوزير الإسرائيلي تأكيده أن بلاده لن تتخلى عن مرتفعات الجولان السورية المحتلة، والتي استولت عليها خلال حرب عام 1967، وضمّتها رسميًا في 1981، وهي خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وقال ساعر بلهجة حاسمة: “إسرائيل فرضت قوانينها على هضبة الجولان قبل أكثر من 40 عاماً، وفي أي اتفاق سلام مستقبلي، سيبقى الجولان جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل”.

متغيرات إقليمية بعد سقوط الأسد ومواجهة حزب الله
ويأتي هذا التوجه الإسرائيلي في ظل تغيرات إقليمية جذرية، أبرزها سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد سيطرة فصائل معارضة مدعومة دوليًا على مفاصل الحكم في دمشق. وفي أعقاب هذا الحدث، تقدمت القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة في الجولان، وشنّت مئات الغارات الجوية على مواقع عسكرية داخل سوريا، قائلة إن الهدف منها منع السلطات الانتقالية الجديدة من السيطرة على ترسانة الجيش السوري السابق.
وفي لبنان، وعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر 2024، تواصل إسرائيل استهداف مواقع تابعة لـ حزب الله المدعوم من طهران. وأفادت مصادر إسرائيلية بأن الغارات الجوية تستهدف عناصر الحزب والبنى التحتية العسكرية التابعة له. كما أبقت تل أبيب قواتها في مرتفعات استراتيجية داخل لبنان، توغلت إليها خلال المواجهة الأخيرة مع الحزب، على الرغم من أن الاتفاق ينص على انسحابها منها.
المبعوث الأميركي: السلام مع إسرائيل ضروري
وفي سياق متصل، قال المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك، إن تطبيع العلاقات والسلام مع إسرائيل أصبح ضرورة استراتيجية لكل من سوريا ولبنان، خاصة بعد الانهيارات السياسية والعسكرية التي شهدها البلدان.
وأضاف في تصريح لوكالة “الأناضول” التركية الرسمية: “الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، أوضح أنه لا يكنّ الكراهية لإسرائيل، وأنه يريد السلام على هذه الحدود… وأعتقد أن اتفاقًا مماثلاً سيحدث أيضًا مع لبنان”.
نتنياهو: النصر على إيران يفتح الباب للسلام
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد صرح في وقت سابق بأن الانتصار الذي حققته إسرائيل في الحرب الأخيرة مع إيران “يمهّد لتوسيع اتفاقات السلام مع الدول العربية وغير العربية في المنطقة”.
وقال في مقطع فيديو نشره مكتبه: “لقد حاربنا إيران بعزم وحققنا نصراً كبيراً. هذا النصر يفتح الطريق أمامنا لتوسيع دائرة اتفاقات السلام بشكل كبير”.
اقرأ أيضًا:
ضغوط ترامب و”نجاح إيران” يدفعان إسرائيل نحو صفقة رهائن ووقف إطلاق النار مع حماس
خلاصة المشهد: تطبيع مشروط بمصالح استراتيجية
يشير الخطاب الإسرائيلي الرسمي إلى رغبة واضحة في دمج سوريا ولبنان ضمن منظومة التطبيع الإقليمي، على غرار دول الخليج والمغرب، لكن مع التشديد على الثوابت الأمنية والسيادية الإسرائيلية، خصوصًا ما يتعلق بمصير هضبة الجولان وتحجيم نفوذ حزب الله ومنع تسرب أسلحة أو ترسانة من الجيش السوري السابق إلى أطراف معادية.
ويرى مراقبون أن هذا الطرح لا يمكن فصله عن التبدلات الجذرية في موازين القوى داخل سوريا ولبنان، وتداعيات المواجهة المفتوحة مع إيران التي امتدت لعام كامل، وانتهت، بحسب الرواية الإسرائيلية، بـ”نصر استراتيجي” يسمح بإعادة تشكيل خارطة السلام الإقليمي.