في تحوّل دبلوماسي مفصلي يربك حسابات إسرائيل، أعلنت ثلاث قوى غربية كبرى—بريطانيا وأستراليا وكندا—اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة وُصفت بـ”التاريخية” من قبل السلطة الفلسطينية، بينما رأى فيها محللون لحظة كاسرة قد تعيد رسم ملامح الصراع في الشرق الأوسط، وتفتح الباب أمام موجة جديدة من الضغط الدولي على إسرائيل.
إسرائيل في “خانة اليك”
إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، سارعت إلى الرد على هذه الخطوة برفض قاطع، معلنة تمسكها المطلق بعدم السماح بقيام دولة فلسطينية. في خطاب مباشر، أكد نتنياهو أن “الدولة الفلسطينية لن تقوم”، بينما صعّد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الموقف، مطالبًا بفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية وسحق السلطة الفلسطينية.

يأتي هذا التصعيد في ظل عزلة سياسية متزايدة تعاني منها إسرائيل، لا سيما بعد أن بدأت العواصم الغربية التقليدية الداعمة لها بإعادة النظر في مواقفها.
اعترافات غربية تُعيد ترتيب أوراق تل أبيب
البداية جاءت من لندن، حيث أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر، زعيم حزب العمال، أن حكومته تعترف رسميًا بدولة فلسطين، في موقف غير مسبوق منذ عقود. وقال ستارمر إن “الأمل في حل الدولتين يوشك أن ينطفئ، والعالم لا يجب أن يسمح بذلك”، في رسالة حملت أبعادًا سياسية وتاريخية، خاصة وأن بريطانيا كانت شريكًا مركزيًا في نشأة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي منذ وعد بلفور عام 1917.
أستراليا وكندا: رسائل واضحة… والموقف من حماس حاضر
أستراليا لم تتأخر في إعلان موقفها، مؤكدة دعمها الكامل لقيام دولة فلسطينية على أساس حل الدولتين، مع تأكيدها أن لا مكان لحركة حماس في مستقبل الدولة. أما كندا، فقد كانت أكثر حدة في خطابها، إذ حمّل رئيس الوزراء الحكومة الإسرائيلية مسؤولية تقويض فرص السلام، مؤكدًا أن الاعتراف بدولة فلسطين هو خطوة نحو مستقبل أكثر استقرارًا وعدالة للطرفين.

المجتمع الدولي يتحرك ضد نتنياهو
تزامنًا مع هذا التحول، تستعد نيويورك لاحتضان مؤتمر دولي برعاية فرنسية وسعودية لبحث آليات تطبيق حل الدولتين. في المقابل، يواصل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الترويج لخطته الخاصة، معلنًا عزمه على عقد قمة عربية–إسلامية–أميركية جديدة.
هذه التحركات تعكس سباقًا دبلوماسيًا متسارعًا لإعادة رسم معادلات المنطقة، وسط تصاعد المأساة الإنسانية في غزة والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي غير المسبوق في الضفة.
نتنياهو.. اعترافات تمهّد لمرحلة جديدة
رحّبت السلطة الفلسطينية بهذه الاعترافات الغربية، واعتبرها الرئيس محمود عباس خطوة استراتيجية نحو تحقيق سلام عادل ودائم. كما جدد التزامه بإجراء الإصلاحات السياسية والإدارية، لا سيما في أعقاب زيارته الأخيرة إلى لندن والتي بدا أنها أسهمت في تسريع هذا التحول الدبلوماسي.
النائبة البريطانية السابقة شارلوت ليزلي اعتبرت الاعترافات الغربية ردًا مباشرًا على السياسات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، وقالت إن “العالم لم يعد مستعدًا لغضّ الطرف عن انتهاكات القانون الدولي”، مؤكدة أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لم يعد خيارًا بل “ضرورة سياسية وأخلاقية”.

كما حذّرت من محاولات الحكومة الإسرائيلية دمج السلطة الفلسطينية مع حماس لتبرير رفض أي مسار تفاوضي، ودعت إلى فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل مشابهة لتلك المفروضة على روسيا بسبب غزو أوكرانيا.
اقرأ أيضا.. ألمانيا: الهجوم على غزة مسار خاطئ.. وحل الدولتين الطريق الوحيد للسلام