في تطور جديد على مسار مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، أعلنت كل من إسرائيل والولايات المتحدة سحب وفديهما من محادثات الدوحة، في خطوة اعتبرتها مصادر سياسية مؤشرًا على تعثر المفاوضات مع حركة حماس، رغم استمرار الوساطة القطرية.
نتنياهو: “حماس العقبة الرئيسية”
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد، في بيان رسمي، أن تل أبيب وواشنطن تبحثان “خيارات بديلة” لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، بعيدًا عن أي اتفاق تفاوضي مع حماس.
وقال نتنياهو: “لقد أصاب المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في قراره. حماس هي العقبة أمام التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن. وندرس الآن، بالتعاون مع حلفائنا الأمريكيين، خيارات بديلة لإعادة رهائننا إلى ديارهم، وإنهاء حكم حماس، وتحقيق سلام دائم لإسرائيل ومنطقتنا.”
انسحاب الوفود.. انهيار أم ضغط تفاوضي؟
مكتب نتنياهو أعلن أن الوفد الإسرائيلي غادر الدوحة “للتشاور”، قبل أن يعلن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قرارًا مماثلًا، بلغة أوحت بانهيار العملية التفاوضية.
وكتب ويتكوف على منصة “إكس”: “قررنا إعادة فريقنا من الدوحة بعد الرد الأخير من حماس، والذي يظهر بوضوح عدم رغبتها في التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة. رغم جهود الوسطاء، لا يبدو أن حماس منسقة أو حسنة النية.”
لكن مصادر إسرائيلية فسّرت البيان على أنه محاولة للضغط على حماس للقبول بالمقترح المطروح، وليس إعلانًا رسميًا عن انهيار المفاوضات.
وساطات ورسائل متناقضة
في المقابل، تبنى بشارة بحبح، رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي والوسيط في المحادثات، لهجة مختلفة، حيث كتب على “فيسبوك”: “قدمت حماس ردها على المقترح الإسرائيلي بشأن إعادة الانتشار وتبادل الأسرى. رد حماس كان واقعيًا وإيجابيًا. الآن على تل أبيب الدخول في مفاوضات جدية وسريعة للتوصل إلى وقف إطلاق النار. أهل غزة عانوا بما يكفي من القتل والدمار والجوع.”
ورغم أن هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مسؤولين قولهم إن رد حماس “أكثر إيجابية من السابق”، فإن الوفد الإسرائيلي شدد، عبر القناة 13 العبرية، على أن “الرد غير مقبول”، مؤكدًا وجود “خلافات عميقة في جميع الملفات المطروحة للتفاوض”.

عقدة الأسرى و”مفاتيح الصفقة”
بحسب هيئة البث الإسرائيلية، طرحت حماس مجددًا مسألة ما يُعرف بـ”مفاتيح الصفقة”، مطالبة بالإفراج عن:
200 أسير أمني فلسطيني.
نحو 2000 معتقل من غزة أُوقفوا بعد هجوم 7 أكتوبر.
وهي أعداد تفوق بكثير مقترح الوسطاء الذي نص على الإفراج عن 120 أسيرًا أمنيًا و1200 معتقل.
للمرة الأولى، طالبت حماس أيضًا بالإفراج عن عناصر النخبة الذين شاركوا في هجوم 7 أكتوبر، بينهم سجناء محكومون بالمؤبد.
الانسحابات الإسرائيلية المقترحة خلال الهدنة
وفق ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية، جاء مقترح حماس بشأن انسحاب الجيش الإسرائيلي خلال فترة وقف إطلاق النار على النحو التالي:
شمال غزة: انسحاب إلى مسافة كيلومتر واحد من السياج الحدودي.
شرق غزة: انسحاب إلى كيلومتر واحد من المناطق غير المأهولة و800 متر من المناطق المأهولة.
جنوب غزة: انسحاب إلى 1.2 كيلومتر في المناطق غير المأهولة و700 متر في المناطق المأهولة.
اقرأ أيضًا:
محكمة فرنسية تبطل مذكرة توقيف بشار الأسد.. وتؤكد استمرار التحقيقات في جرائم الحرب
المفاوضات إلى أين؟
ورغم الانسحاب الأمريكي والإسرائيلي من الدوحة، ترى بعض الأوساط أن التحركات الحالية تهدف للضغط السياسي أكثر من كونها نهاية للمفاوضات. إلا أن حدة التصريحات، خاصة من واشنطن، توحي بأن المحادثات تمر بمرحلة حرجة، ما قد يفتح الباب أمام خيارات عسكرية أو سياسية بديلة خلال الفترة المقبلة.
انعكاسات سياسية وأمنية
تعثر مفاوضات الدوحة قد يضع الوضع في غزة والمنطقة أمام سيناريوهات أكثر توترًا، إذ من المرجح أن يدفع فشل المحادثات تل أبيب إلى تكثيف عملياتها العسكرية في القطاع لزيادة الضغط على حماس، في وقت تواجه فيه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا داخلية متزايدة من عائلات الرهائن، كما أن استمرار الانسداد التفاوضي قد يعقّد مساعي الوسطاء الدوليين، خصوصًا قطر ومصر، لإرساء هدنة طويلة الأمد، ما يهدد بجر المنطقة إلى جولة جديدة من التصعيد العسكري قد تمتد تداعياتها إلى الضفة الغربية وجنوب لبنان، وتؤثر على استقرار الإقليم بأسره.