وسّعت القوات الإسرائيلية، الأحد، عملياتها العسكرية ضد مراكز الإيواء في مدينة غزة، ما أدى إلى تدمير ما لا يقل عن 30 مبنى سكنياً، وفق ما أفاد به مسؤولون فلسطينيون، وأجبرت هذه الهجمات آلاف الفلسطينيين على النزوح جنوباً، في إطار ما وصفته مصادر محلية بأنه مخطط لاحتلال المدينة عبر الضغط السكاني.
وشملت الضربات الجوية قصف أكثر من 6 مراكز إيواء خلال الأيام الأربعة الماضية، بينها 4 مدارس تابعة لوكالة الأونروا تقع في المناطق الغربية من غزة، الأكثر اكتظاظاً بالسكان والنازحين. كما استُهدفت مبانٍ داخل الجامعة الإسلامية، حيث كان آلاف النازحين يحتمون فيها.

أوضاع إنسانية مأساوية في غزة
أجبر القصف غالبية العائلات على إخلاء مراكز الإيواء بعد تدميرها بشكل شبه كامل. بعض الأسر اضطرت إلى نصب خيام صغيرة وسط الركام بعد احتراق أو تضرر خيامها الكبيرة. ووفق شهود عيان، تحولت شوارع غزة، لا سيما شارع الرشيد الساحلي، إلى طوابير طويلة من النازحين الذين يستغرقون ساعات لعبور مسافات قصيرة، وسط أوضاع إنسانية صعبة.
بحسب وزارة الصحة في غزة، أسفرت الغارات الأخيرة عن مقتل 52 فلسطينياً في غضون ساعات، بينهم 33 في مدينة غزة وحدها. كما استهدفت طائرة مسيّرة خيمة للنازحين في دير البلح، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص.
وأشارت الوزارة إلى أن حصيلة الضحايا خلال 24 ساعة بلغت 68 قتيلاً و346 مصاباً، ليرتفع العدد الإجمالي منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 64871 قتيلاً و164610 إصابات. كما سُجّلت حالتا وفاة جديدتان نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد إلى 422، بينهم 145 طفلاً.
زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو
تزامن التصعيد مع وصول وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى إسرائيل، في زيارة وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنها «رسالة دعم قوية للتحالف الإسرائيلي – الأميركي».
وتوجه روبيو مع نتنياهو إلى حائط البراق (المبكى) في القدس الشرقية، حيث ارتدى القلنسوة اليهودية. وأكد أن زيارته تهدف إلى مناقشة ملفات أبرزها تحرير 48 رهينة تحتجزهم حماس، وإعادة إعمار قطاع غزة.
تأتي الزيارة قبل أيام من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تستعد عدة دول غربية للإعلان عن اعترافها بدولة فلسطين، وهي خطوة ترفضها إسرائيل وواشنطن بشدة.
تكثيف العمليات الميدانية
ميدانياً، واصلت القوات الإسرائيلية استخدام العربات المفخخة والطائرات المسيّرة التي تلقي قنابل حارقة وصناديق متفجرة، مستهدفة المنازل والمباني السكنية. كما نفذت عمليات خاصة لاختطاف عناصر من الفصائل الفلسطينية، بينهم 3 في غرب غزة وآخر في دير البلح.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عن تدمير برجين في غزة، متهماً حركة حماس باستخدامهما كمراكز مراقبة وتجهيزات استخباراتية. كما أكد مقتل 11 عنصراً من الحركة داخل أنفاق شمال القطاع.
اقرأ أيضًا:
نتنياهو: زيارة روبيو لإسرائيل دليل على “قوة التحالف” بين واشنطن وتل أبيب
نزوح واسع وهدم الأبراج السكنية
شهدت مدينة غزة موجات نزوح غير مسبوقة، إذ تجاوز عدد النازحين 280 ألف شخص منذ يوم الجمعة الماضي. وأفاد شهود عيان بتدمير برج الكوثر السكني بالكامل بعد استهدافه بقصف جوي مباشر، مما أدى إلى نزوح مئات العائلات.
واتهم المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسرائيل بـ«اتباع سياسة ممنهجة لهدم الأبراج السكنية وتهجير السكان»، مشيراً إلى أن الأيام الأخيرة شهدت نزوح آلاف العائلات إلى جنوب القطاع وسط ظروف إنسانية قاسية.
تؤكد التطورات الميدانية في غزة أن القصف الإسرائيلي المتصاعد يستهدف بالدرجة الأولى مراكز الإيواء والمناطق السكنية المكتظة، بهدف إجبار السكان على النزوح جنوباً. وفي الوقت ذاته، تحمل زيارة ماركو روبيو إلى إسرائيل رسائل سياسية واضحة بدعم تل أبيب، بينما يستمر سقوط أعداد متزايدة من الضحايا الفلسطينيين في ظل أزمة إنسانية متفاقمة.