أصدرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الاثنين، أكثر من 230 ألف صفحة من الوثائق السرية المتعلقة باغتيال زعيم حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ الابن في أبريل (نيسان) 1968، وذلك رغم اعتراضات قوية من أفراد أسرته الذين طالبوا بمراعاة السياق التاريخي وعدم استغلال إرث والدهم.
تفاصيل الوثائق التي تم الكشف عنها
أعلنت مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد، أن الملفات المنشورة تتضمن «مناقشة خيوط محتملة، ومذكرات داخلية لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) تُفصّل مسار القضية، إضافة إلى شهادات من زميل الزنزانة السابق للقاتل المُدان جيمس إيرل راي، الذي تحدث عن مؤامرة اغتيال مزعومة».
وأوضحت غابارد أن الوثائق التي رُفعت عنها السرية لم يتم رقمنتها مسبقاً، وأن عملية التحرير تمت بشكل محدود لضمان الإتاحة الكاملة للمعلومات.
محتويات الملفات وأبرز ما تكشفه
الوثائق تضم تقارير أرشيفية ضخمة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، ومقاطع إخبارية تعود لعقود سابقة، بما في ذلك تقارير إعادة التحقيق في القضية عام 1976 من قبل الـFBI، وتقرير لجنة الاغتيالات التابعة لمجلس النواب عام 1979.
ومع ذلك، لم تكشف المراجعة الأولية عن أي معلومات جديدة تتعلق بمراقبة كينغ أو ارتباطه المباشر بالقاتل جيمس إيرل راي، على عكس ما تدعيه بعض نظريات المؤامرة.
موقف عائلة كينغ
أصدر ابن كينغ، مارتن لوثر كينغ الابن، وابنته بيرنيس كينغ بياناً مشتركاً قالا فيه: «نرفض أي محاولات لاستغلال إرث والدنا أو نشر الأكاذيب باستخدام هذه الوثائق، ونشدد على ضرورة قراءة هذه الملفات في سياقها التاريخي».
وأضاف البيان أن كينغ كان هدفاً لحملة واسعة من التضليل والمراقبة غير القانونية بقيادة مدير الـFBI آنذاك جي إدغار هوفر، واصفين تلك الممارسات بأنها «انتهاكات خطيرة ومقلقة للغاية».
دعوات لكشف المزيد من السجلات
يأتي نشر هذه الوثائق بالتزامن مع مطالبات الديمقراطيين وبعض مؤيدي ترمب بالإفراج عن ملفات تحقيق جيفري إبستين المتعلقة بقضايا الاتجار بالبشر.
وكتبت بيرنيس كينغ على منصة “إكس”: «الآن، حان الوقت لنشر ملفات إبستين».
ردود الفعل المتباينة
بينما وصف القس آل شاربتون قرار ترمب بالكشف عن الوثائق بأنه «محاولة لصرف الأنظار عن أزماته السياسية وملف إبستين»، اعتبرت ألفيدا كينغ، ابنة شقيق مارتن لوثر كينغ، أن رفع السرية عن الملفات «خطوة تاريخية تفتح الطريق أمام الوصول إلى الحقيقة».
من هو القاتل جيمس إيرل راي؟
أدين جيمس إيرل راي باغتيال كينغ بعد هروبه من الولايات المتحدة واعتقاله في إنجلترا.
وأوضحت غابارد أن الوثائق الجديدة تتضمن سجلات لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) تسرد «المعلومات الاستخباراتية الدولية حول تعقب المشتبه به».
لكن أبناء كينغ ما زالوا مقتنعين بأن راي لم يكن القاتل الحقيقي، بل مجرد أداة في مؤامرة أكبر، مؤكدين أنهم سيعيدون تقييم الوثائق المنشورة لاكتشاف أي دلائل جديدة.
الخلفية القانونية والإجراءات السابقة
وقع ترمب في يناير الماضي أمراً تنفيذياً يقضي بالإفراج عن سجلات اغتيال مارتن لوثر كينغ والرئيس السابق جون كينيدي وشقيقه روبرت كينيدي.
وفي الشهر الماضي، صرح قاضٍ فيدرالي بأن الإفراج الكامل عن سجلات مراقبة كينغ «قد يستغرق وقتاً طويلاً».
وكانت منظمة “مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية” التي أسسها كينغ قد أعربت عن رفضها للنشر غير المشروط لتلك الوثائق.
مراقبة كينغ وحملات التضليل
في إطار تسوية دعوى قضائية عام 1977، سلّمت الحكومة الأميركية للأرشيف الوطني أشرطة تنصت وسجلات مراقبة لمنازل ومكاتب كينغ، والتي كان مقرراً أن تبقى سرية حتى 31 يناير 2027.
وتشير الوثائق إلى أن كوريتا سكوت كينغ، أرملة الزعيم الراحل، تلقت عام 1964 رسالة تهديد تتضمن تسجيلات مزعومة لزوجها، تبين لاحقاً أن الـFBI أرسلها بتوجيه من هوفر، رغم أن التنصت تم بموافقة المدعي العام حينها روبرت كينيدي.
إرث كينغ وجائزة نوبل
ورغم حملات التشويه التي واجهها، حصل كينغ على جائزة نوبل للسلام عام 1964 تقديراً لنضاله ضد التمييز العنصري.
اليوم، تأتي هذه الوثائق لتعيد فتح باب النقاش حول الإرث التاريخي للزعيم الحقوقي وحقيقة المؤامرات التي استهدفته.
تابع ايضًا…روسيا: لا نتوقع اختراقًا في مفاوضات تركيا مع أوكرانيا.. ونتمسك بشروطنا