انطلقت مساء أمس، في مدينة لاهاي فعاليات الدورة السادسة من مهرجان هولندا لأفلام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، وسط حضور فني وثقافي لافت، واختار المنظمون أن تكون فلسطين عنوانًا رئيسيًا للافتتاح، من خلال عرض الفيلم الوثائقي «ناجي العلي» للمخرج قاسم عبد.
ناجي العلي.. حاضر في الافتتاح
استهل المهرجان فعالياته بعرض وثائقي مؤثر يحكي السيرة الذاتية والفنية للرسام الفلسطيني الشهير ناجي العلي، بدءًا من ولادته في الجليل، وصولًا إلى اغتياله في لندن عام 1987، ويسلّط الفيلم الضوء على أبرز المحطات التي صاغت تجربته النضالية، من التهجير والمنفى، إلى كونه صوتًا للمعاناة الفلسطينية عبر رسوماته التي شكّلت ذاكرةً بصرية للهوية والكرامة.
تكريم انتشال التميمي بـ«جائزة لاهاي للسينما»
شهد حفل الافتتاح لحظة مؤثرة بتكريم الناقد السينمائي العراقي، انتشال التميمي، الذي مُنح «جائزة لاهاي للسينما» تقديرًا لمسيرته الطويلة وإسهاماته الكبيرة في دعم السينما العربية والدولية.
وفي كلمته خلال التكريم، عبّر التميمي عن امتنانه لهذا التقدير، ووجّه الشكر لأصدقائه الحاضرين، ومن بينهم الفنان مارسيل خليفة، والناقد إبراهيم العريس، والناقد المصري أندرو محسن، كما عُرض فيلم تسجيلي وثّق محطات من مشواره، تخلله عرض لأعمال فنية أُنجزت خصيصًا له من قبل الرسام علي المنزلاوي والنحات قاسم السعيدي.
شهادات فنية في حق التميمي
أثنى المنتج محمد حفظي في كلمة مؤثرة على الدور الملهم للتميمي في المشهد السينمائي، مشيرًا إلى أنه تعلّم من تجربته الكثير خلال إدارة مهرجان القاهرة السينمائي، ومشيدًا بروحه الداعمة وابتعاده عن منطق الاستحواذ، أما الفنان العالمي مارسيل خليفة، فقد قدّم مداخلة عاطفية ربط فيها بين الفن والواقع العربي المؤلم، قائلاً: «هل من مكان للسينما والشعر والموسيقى وسط هذا المشهد المرعب من الدمار؟»، قبل أن يختتم بتوجيه تحية إلى فلسطين مرددًا: «منتصب القامة أمشي».
كلمة رئيس المهرجان: السينما كجسر حضاري
وفي كلمته، أكد الدكتور مصطفى بربوش، رئيس المهرجان، أن هذه الدورة تمثل انطلاقة جديدة في مسيرة المهرجان، الذي يسعى لتعزيز الحوار الثقافي والانفتاح، معتبرًا السينما «أكثر من فن»، بل «جسرًا بين الثقافات» و«صوتًا للقصص المهددة بالنسيان».
وأشار بربوش إلى أن مدينة لاهاي، التي تحتضن أكثر من 140 جنسية، أصبحت منصة مثالية لالتقاء صناع الأفلام من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع جمهور متنوع من الخلفيات والثقافات.
لجان التحكيم وبرنامج المهرجان
لجنة تحكيم الأفلام الطويلة تتكوّن من:
-
المخرجة الهولندية سونيا هيرمان دولز
-
الشاعر والمخرج السعودي أحمد الملا
-
الناقد العراقي قيس قاسم
أما لجنة تحكيم الأفلام القصيرة فتضم:
-
المخرج قاسم عبد
-
المخرج والمنتج الفلسطيني حنا عطا الله
-
الكاتبة الهولندية المغربية شافينا بن دحمان
اقرأ أيضًا:
روبرت دي نيرو يتسلّم أرفع أوسمة روما خلال مهرجان “أليس في المدينة”
منصة للتنوع والحوار
يواصل المهرجان تركيزه على دعم أصوات المبدعين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سواء من داخل المنطقة أو من الشتات، مع إتاحة الفرص للشباب من خلال ورش العمل وبرامج التدريب.
كما يسعى إلى مواجهة الصور النمطية وتعزيز النقاش حول قضايا الهوية والمنفى والحرية والعدالة، مع ربط صناع السينما بشبكات الإنتاج والتوزيع الأوروبية، بدعم من اتفاقية اليونسكو لعام 2005، بشأن حماية تنوع أشكال التعبير الثقافي.
السينما كأداة مقاومة وأمل
بمضمونه الإنساني والسياسي، يؤكد مهرجان هولندا لأفلام MENA، أن السينما ليست فقط وسيلة للترفيه، بل فعل مقاومة ونافذة للأمل، تساهم في إعادة الاعتبار للقصص المهمّشة والمحرّفة، في زمن تزداد فيه الحاجة لأدوات التعبير والتواصل بين الشعوب.