في خطوة تُعتبر بداية لاستعادة الحياة الطبيعية في قطاع غزة، وخطوة نحو تعافي اقتصاد غزة، أعلنت سلطة النقد الفلسطينية اليوم الاثنين 27 يناير 2025، عن استئناف العمل التدريجي للجهاز المصرفي اعتباراً من صباح غد الثلاثاء، ويأتي هذا الإعلان في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في منتصف الشهر الجاري، والذي يُعتبر خطوة أولى نحو استقرار المنطقة.
عودة عمل المصارف خطوة أولى نحو تعافي اقتصاد غزة
ووفقاً لبيان صادر عن سلطة النقد، فإن عملية إعادة تشغيل المصارف ستتم على مراحل، حيث ستشمل المرحلة الأولى فتح ما بين 3 إلى 4 أفرع مصرفية في منطقتي دير البلح والنصيرات وسط القطاع.

وأكد محافظ سلطة النقد، يحيى الشنار، أن الجهود مستمرة لزيادة عدد الفروع التي سيتم افتتاحها لتغطية مناطق أخرى في شمال وجنوب غزة، مشيراً إلى أن ذلك مرهون بتوفر البنية التحتية اللازمة مثل خطوط الاتصال والكهرباء، بالإضافة إلى توفر الأمن والموظفين.
وفي ظل التحديات التي تواجه القطاع المصرفي بشكل خاص واقتصاد غزة بشكل عام، حث الشنار المواطنين على الاستفادة من خدمات الدفع الإلكتروني التي توفرها سلطة النقد، كحل مؤقت حتى يتم إدخال العملة الورقية إلى القطاع. وأشار إلى أن هذه الخدمات ستسهم في تخفيف الضغط على الفروع المصرفية وتسهيل المعاملات المالية في ظل الظروف الصعبة.
وكانت سلطة النقد الفلسطينية قد دعت الأسبوع الماضي البنوك العاملة في غزة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستئناف تقديم الخدمات المصرفية، بما في ذلك إعادة تشغيل الفروع والصرافات الآلية التي لم تتضرر بشكل كلي. كما عقدت اجتماعاً مع مديري البنوك العاملة في فلسطين لبحث سبل تسريع عملية استعادة الخدمات المصرفية وتشجيع استخدام الأدوات الإلكترونية في الدفع.
تحديات تواجه القطاع المصرفي في قطاع غزة
ويواجه القطاع المصرفي في غزة تحديات كبيرة، أبرزها شح السيولة النقدية وتلف جزء كبير من الأوراق النقدية، مما دفع المواطنين إلى الاعتماد بشكل متزايد على خدمات الدفع الإلكتروني. ومنذ أشهر، لم تتمكن معظم البنوك من تلبية طلبات العملاء بسحب ودائعهم نقداً إلا بمبالغ محدودة، مما زاد من معاناة السكان.
وبينما تبدأ المصارف في استئناف عملها، يواجه اقتصاد غزة تحديات جسيمة في عملية إعادة الإعمار، حيث تشير التوقعات إلى أن القطاع قد يحتاج إلى أكثر من عقدين للعودة إلى مستويات الناتج المحلي التي كانت قائمة قبل الحرب الأخيرة، ومع ذلك، تُعتبر عودة الخدمات المصرفية خطوة مهمة نحو استعادة الحياة الاقتصادية وتوفير الخدمات الأساسية لسكان القطاع.
خسائر غزة الاقتصادية
الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر 2023 بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، وخاصة حركة حماس، تسببت في خسائر اقتصادية وبشرية هائلة في قطاع غزة، القطاع، الذي كان يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية وحصار مستمر منذ سنوات، واجه تدميرًا غير مسبوق للبنية التحتية والمرافق الحيوية، فيما يلي بعض الخسائر اقتصاد غزة الرئيسية والتأثيرات:
دمرت الغارات التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في تدمير المباني السكنية والتجارية، حيث تم الإبلاغ عن تدمير آلاف المنازل والمباني بشكل كلي أو جزئي، كما تعرضت البنية التحتية مثل الطرق والجسور وشبكات الكهرباء لأضرار جسيمة، مما أثر على حركة النقل والحياة اليومية.
وكذلك دُمرت العديد من أنظمة إمدادات المياه والصرف الصحي، مما تسبب في نقص مياه الشرب وتدهور الظروف الصحية.
وكان القطاع التجاري والصناعي أكبر الخاسرين، حيث دُمرت أو أُغلقت العديد من الشركات والمصانع والمحلات التجارية، مما أدى إلى شبه توقف للنشاط الاقتصادي، كما تعرضت الأراضي الزراعية والمرافق الزراعية للتدمير، مما أثر على إنتاج الغذاء والإمدادات، وكذلك تعرضت أنشطة الصيد لقيود شديدة بسبب الحصار والمخاطر الأمنية.
وتُقدّر تكاليف إعادة الإعمار بعشرات المليارات من الدولارات، وسيكون التعافي الاقتصادي عملية طويلة وصعبة، تتطلب تمويلًا كبيرًا ووقتًا طويلاً، ودعمًا واسعًا من المجتمع الدولي.
هذه الحرب ألحقت أضرارًا جسيمة باقتصاد ومجتمع قطاع غزة، وسيتطلب التعافي وإعادة الإعمار جهودًا هائلة وموارد كبيرة.، يدعو المجتمع الدولي إلى وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات لتخفيف الأزمة الإنسانية ودعم التعافي على المدى الطويل.
قطاع غزة.. دمار شامل واقتصاد على حافة الانهيار
شهد قطاع غزة واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدًا في العصر الحديث، منذ بداية الهجمات في السابع من أكتوبر 2023، حي لم تتوقف الغارات الجوية والعمليات البرية العنيفة التي تستهدف بشكل ممنهج المنازل المأهولة والتجمعات المدنية دون سابق إنذار على مدار عام و حوالي 3 أشهر، مما خلف وراءه دمارًا هائلًا وخسائر بشرية ومادية لا تُحصى.

اقتصاد غزة: من الانهيار إلى الإبادة
بحسب تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، تجاوزت الخسائر المالية المباشرة 33 مليار دولار، وهو رقم يُعبّر عن جزء بسيط من الكارثة التي لحقت بالقطاع، فمنذ بداية الحرب، دُمّرت البنية التحتية الاقتصادية بشكل ممنهج، بما في ذلك المنشآت الصناعية والمصانع والمزارع وأسواق الأسماك، مما أدى إلى شلّ القدرة الإنتاجية للقطاع ودفع سكانه إلى حافة المجاعة.
أرقام صادمة تعكس حجم الكارثة في اقتصاد غزة
البطالة: ارتفعت نسبة البطالة من 45% قبل الحرب إلى 80%، وفقًا لتقرير منظمة العمل الدولية الصادر في يونيو 2024.
الفقر: وصلت نسبة الفقر إلى 100%، بعد أن كانت 50% قبل الحرب، بحسب تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
الوظائف: فقد القطاع ثلثي الوظائف التي كانت متاحة قبل الحرب، وفقًا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).
القطاع الزراعي: تضررت 80%-96% من الأصول الزراعية، بما في ذلك أنظمة الري ومزارع الماشية والبساتين، مما أدى إلى شلّ إنتاج الغذاء وتفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي.
الشركات: توقفت 82% من الشركات عن العمل، وهي التي كانت تشكل عصب اقتصاد غزة.
الإسكان.. أزمة تتفاقم تحت الأنقاض
لم يسلم القطاع السكني من الدمار، حيث دُمّرت 150 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، وأصيبت 200 ألف وحدة بأضرار جزئية، بينما أصبحت 80 ألف وحدة غير صالحة للسكن، هذه الأرقام تأتي في ظل أزمة سكنية كانت تعاني منها غزة قبل الحرب، حيث بلغ العجز في الوحدات السكنية 120 ألف وحدة حتى مطلع عام 2023.
البنية التحتية.. تدمير ممنهج
لم تترك آلة الحرب الإسرائيلية شيئًا إلا ودمرته:
المساجد والكنائس: دُمّرت 611 مسجدًا بشكل كلي و214 جزئيًا، بالإضافة إلى تدمير 3 كنائس.
المرافق التعليمية: دُمّرت 125 مدرسة وجامعة بشكل كلي، وأصيبت 337 بأضرار جزئية.
المباني الحكومية: دُمّرت 201 مقر حكومي بالكامل.
المواقع الأثرية والتراثية: طال الدمار 206 موقعًا أثريًا وتراثيًا.
المرافق الرياضية: دُمّرت 36 منشأة وملعبًا وصالة رياضية.
شعب تحت الحصار والدمار
في هذه المنطقة الجغرافية الضيقة التي لا تتجاوز مساحتها 365 كيلومترًا مربعًا، ويعيش فيها نحو 2.3 مليون نسمة، تحوّل الحلم بالعيش الكريم إلى كابوس يومي، فالحرب لم تدمر فقط المباني والمنشآت، بل قضت على آمال شعب بكامله في بناء مستقبل آمن ومستقر.
بينما تستمر الحرب، تبقى غزة شاهدًا حيًا على واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، حيث تتداخل الخسائر البشرية مع الدمار الاقتصادي والاجتماعي، لتترك وراءها إرثًا من الألم والمعاناة التي ستستغرق عقودًا لإصلاحها.
اقرأ أيضًا:
مصر تكثف جهودها الإنسانية.. أكبر قافلة مساعدات تتوجه إلى غزة عبر معبر رفح