لاشك أن اكتئاب ما بعد الولادة من أبرز التحديات النفسية التي قد تواجه الأمهات الجدد بعد إنجاب أطفالهن وبينما يُعتبر الحمل والولادة فترة من الفرح والاحتفالات، فإن العديد من الأمهات يعانين من مشاعر الحزن والقلق التي قد تكون أكثر من مجرد تقلبات مزاجية.

ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟
اكتئاب ما بعد الولادة هو حالة صحية نفسية تتسم بالحزن العميق والشعور بالإرهاق المستمر، يمكن أن تبدأ الأعراض في الأسابيع التي تلي الولادة أو حتى بعد عدة أشهر، وتختلف أعراض هذه الحالة من امرأة لأخرى، ولكنها تشمل مشاعر الحزن، القلق، الشعور بالعجز، والتعب المستمر، مما قد يؤثر سلبًا على تفاعل الأم مع طفلها وعلاقتها بالعائلة.
وعلى الرغم من أن بعض النساء يعانين من تغيرات مزاجية خفيفة تعرف بـ”الكآبة ما بعد الولادة”، التي قد تختفي خلال أيام أو أسابيع قليلة بعد الولادة، إلا أن اكتئاب ما بعد الولادة يمكن أن يكون أكثر حدة ويحتاج إلى تدخل علاجي.
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى اكتئاب ما بعد الولادة، وهي مزيج من العوامل النفسية، الهرمونية، والجسدية التي تؤثر على الأم في هذه الفترة الانتقالية.
التغيرات الهرمونية
بعد الولادة، تحدث تغيرات هرمونية كبيرة، مثل انخفاض مستويات هرموني الاستروجين والبروجستيرون بشكل مفاجئ، مما يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في المزاج.
كما تؤثر هذه التغيرات على النظام العصبي للمرأة، مما يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
إقرأ أيضًا:
تفتيح البشرة.. 4 وصفات سحرية تخلصك من التصبغات
التغيرات الجسدية
يمكن أن يشعر البعض بتغيرات جسدية قد تؤثر على تقدير الذات، مثل زيادة الوزن، أو التغيرات في شكل الجسم بعد الولادة، مما يؤدي إلى شعور بعدم الراحة أو الارتياح.
القلق من المسؤولية
الولادة تُدخل الأمهات في مرحلة جديدة مليئة بالمسؤوليات. قد تشعر الأم بقلق حيال قدرتها على رعاية طفلها بشكل صحيح أو بمشاعر الذنب إذا لم تستطع تلبية احتياجات الطفل بشكل كامل.
قلة النوم والتعب الجسدي
الحرمان من النوم هو أحد العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى تفاقم الاكتئاب بعد الولادة، فالأمهات الجدد يعانين من صعوبة في تنظيم نومهن بسبب رعاية الطفل في الليل، مما يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والإرهاق.
تاريخ سابق للاكتئاب
النساء اللواتي تعرضن للاكتئاب قبل الحمل أو أثناء الحمل هن أكثر عرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
علاج اكتئاب ما بعد الولادة
على الرغم من أن اكتئاب ما بعد الولادة قد يتسبب في شعور بالضياع، فإنّه قابل للعلاج، ويمكن للأمهات اللاتي يعانين منه أن يستفدن من عدة أساليب علاجية فعّالة.
العلاج النفسي
العلاج السلوكي هو من أشهر العلاجات المستخدمة لمن تعانين من اكتئاب ما بعد الولادة، حيث يساعد هذا العلاج الأمهات في تغيير الأفكار السلبية المتعلقة بمشاعر القلق والعجز، ويمنحهن استراتيجيات للتعامل مع التوتر.
كما يعتبر العلاج الشخصي مع مستشار نفسي مفيدًا لتقديم الدعم العاطفي وفتح المجال للأمهات للتعبير عن مشاعرهن.
الأدوية المضادة للاكتئاب
في حالات الاكتئاب الشديد، قد يُوصي الأطباء باستخدام أدوية مضادة للاكتئاب مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، والتي تعتبر آمنة للأمهات المرضعات في بعض الحالات.
ومن المهم أن يتم تناول هذه الأدوية تحت إشراف طبي لضمان عدم تأثيرها على الأم أو الطفل.
الدعم الاجتماعي
وجود شبكة دعم اجتماعي قوية من الأصدقاء والعائلة يعد أحد العوامل المساعدة في التعافي من الاكتئاب.
التفاعل مع الأفراد الذين يقدمون الدعم العاطفي والمادي يمكن أن يخفف من مشاعر العزلة، ويعزز من قدرة الأم على مواجهة التحديات اليومية.
ممارسة الرياضة
النشاط البدني له تأثير إيجابي كبير على الصحة النفسية، حيث يساعد في إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين، حتى الأنشطة البسيطة مثل المشي أو تمارين التمدد يمكن أن تساعد في تحسين المزاج والحد من التوتر.
تقنيات الاسترخاء
تقنيات مثل التنفس العميق، اليوجا، أو التأمل تعتبر طرقًا فعّالة لتهدئة العقل والجسم.
يمكن أن تساعد هذه الأنشطة الأمهات في التغلب على القلق وإعادة التوازن النفسي بعد يوم طويل من الإرهاق.
تحسين النوم
قلة النوم تعتبر من أبرز التحديات التي تواجه الأمهات الجدد، وقد تؤدي إلى تفاقم الاكتئاب.
من الضروري أن تحرص الأم على الحصول على فترات من الراحة، حتى لو كانت قصيرة، حيث يساعد النوم الجيد في استعادة الطاقة وتعزيز الصحة النفسية.