اكتشف علماء الآثار الذين يجرون حفريات في مقبرة سقارة المصرية مؤخرًا اكتشافًا يُقدم رؤى جديدة حول السلالة الملكية في المملكة المصرية القديمة.
وتم الكشف عن مقبرة الأمير أوسر إف رع، نجل الفرعون أوسر كاف، بالإضافة إلى باب وهمي مصنوع من الجرانيت الوردي النادر.
في حين كانت الأبواب الوهمية شائعة في مقابر المصريين القدماء، إلا أن هذا الباب مصنوع من الجرانيت الوردي النادر، والذي كان نقله من أسوان، التي تبعد حوالي 400 ميل، مكلفًا للغاية.

اكتشاف مقبرة أمير مصري قديم
جاء هذا الاكتشاف ضمن مهمة مشتركة بين المجلس الأعلى للآثار ومؤسسة زاهي حواس للآثار والتراث.
كان الأمير أوسر إف رع ابن أوسر كاف، أول ملوك الأسرة الخامسة، الذي حكم لنحو سبع سنوات بين عامي 2465 و2458 قبل الميلاد.
ويمثل اكتشاف مقبرته أحد أهم الاكتشافات الأثرية في سقارة في السنوات الأخيرة، إذ يوفر معلومات جديدة قيّمة عن المعتقدات الدينية والإنجازات الفنية لمملكة مصر القديمة.
أبرز ما يميز مقبرة الأمير أوسر إف رع هو باب الجرانيت الوردي الذي ظل مخفيًا لقرون.
يبلغ ارتفاعه أقل من 15 قدمًا وعرضه حوالي أربعة أقدام، وهو الأول من نوعه الذي يُعثر عليه في سقارة، وأكبر باب وهمي من الجرانيت الوردي يُكتشف في مصر على الإطلاق.
مقبرة أمير مصري قديم بباب وهمي من الجرانيت الوردي
تُعتبر الأبواب الوهمية المماثلة، وإن كانت أصغر حجمًا، سمة شائعة نسبيًا في المقابر المصرية. وقد كان لها أهمية روحية عميقة في عادات الدفن القديمة، حيث كانت بمثابة بوابات رمزية يمكن لروح المتوفى من خلالها السفر بين عالم الأحياء والآخرة.
عادةً ما كانت الأبواب الوهمية تُصنع من الحجر الجيري، وهو مورد وفير في مصر القديمة.
يُظهر الجرانيت الوردي النادر والباهظ الثمن، المُستخدم في بناء هذا الباب الوهمي المُكتشف حديثًا، براعةً استثنائيةً في الصنع ومواردَ ثمينة مُخصصة لراحة الأمير الأبدية.
كما يعكس حجمه الضخم مكانة أوسر إف رع الرفيعة في التسلسل الهرمي الملكي، ويُظهر التزام الأسرة الخامسة بتحضيرات دفن مُتقنة لنُخبها.
إلا أن الباب الضخم لم يكن الاكتشاف الوحيد الذي عُثر عليه في مقبرة الأمير.
القطع الأثرية الاستثنائية التي عُثر عليها في مقبرة الأمير
عثر علماء الآثار داخل المقبرة على مجموعة رائعة من التماثيل. عُثر على مجموعة من تماثيل الجرانيت الوردي تُمثل الملك زوسر وزوجته وأبنائه في مناصب شرف.
وحكم زوسر خلال الأسرة الثالثة، وأشار تحليل التماثيل إلى أنها صُنعت في عهده، وربما كانت من الهرم المُدرج الذي بناه.
أشارت علامات أخرى إلى أن مقبرة الأمير أوسر إف رع ربما أُعيد استخدامها خلال الأسرة السادسة والعشرين (688 إلى 525 قبل الميلاد)، لذا فمن المرجح أن هذه التماثيل نُقلت إلى المقبرة في ذلك الوقت تقريبًا.
اقرا ايضا:
في عالم الديناصورات.. بيع هيكل عظمي نادر في مزاد علني بـ30.5 مليون دولار
أما سبب نقلها، فالجواب غير واضح. لم تكن إعادة استخدام المقابر أمرًا نادرًا بين الأسرات اللاحقة، حيث كان الحكام غالبًا ما يستولون على مقابر سابقة لأغراض دفنهم.
بالإضافة إلى تماثيل عائلة زوسر، عثر فريق البحث على تمثال آخر من الجرانيت الأسود يبلغ ارتفاعه حوالي أربعة أقدام يحمل نقوشًا، ويعود تاريخه أيضًا إلى الأسرة الثالثة.
وفي حديثها مع لايف ساينس، أشارت آن ميسي روث، أستاذة علم المصريات بجامعة نيويورك، والتي لم تشارك في أعمال التنقيب، إلى ندرة هذه الأعمال الفنية، حيث “لا يوجد سوى القليل جدًا من المنحوتات من تلك الحقبة”.
أضاف روث، مؤكدًا على الطابع غير المسبوق لهذا الاكتشاف: “لا أستطيع التفكير إلا بقطعة واحدة تُمثل امرأة”.
في حين أن هذه الاكتشافات التي أُعلن عنها بالفعل مثيرة للإعجاب في حد ذاتها، إلا أنه لم يُعثر إلا على جزء من قبر الأمير أوسر إف رع – والجدير بالذكر أن حجرة دفنه لم تُعثر عليها بعد. ولا تزال أعمال التنقيب جارية.