في إنجاز علمي مثير، كشف فريق من الباحثين عن نوع جديد من ديناصورات السبينوصور في البرتغال، بعد إعادة فحص أحفورة عُثر عليها قبل أكثر من عقدين.
والدراسة، التي نُشرت في مجلة PLOS ONE، تسلط الضوء على أهمية هذا الاكتشاف الذي يُعدّ من بين أكثر العينات اكتمالًا من هذا النوع في العالم.
اكتشاف نوع جديد من ديناصورات السبينوصور
يعود أصل الحكاية إلى عام 1999، حين اكتشف عالم الحفريات الهاوي كارلوس ناتاريو أحفورة في موقع يُعرف باسم “حديقة عظام الديناصورات” بالقرب من كابو إسبيشيل، جنوب غرب البرتغال.
في البداية، تم تصنيف العينة على أنها تعود إلى ديناصور من نوع باريونيكس والكري، أحد الثيروبودات التي عاشت خلال العصر الطباشيري المبكر.
غير أن إعادة التقييم العلمي للأحفورة، والذي شارك في إنجازه العالمان أوكتافيو ماتيوس وداريو إسترافيز-لوبيز، كشف أنها تعود في الواقع إلى نوع جديد من السبينوصورات أُطلق عليه اسم إيبيروسبينوس ناتاريوي، تكريمًا لمكتشفها ناتاريو. ويُقدّر أن هذا الديناصور عاش قبل نحو 130 مليون سنة.
وقال ماتيوس، أستاذ في كلية نوفا للعلوم والتكنولوجيا في البرتغال، إن هذا الاكتشاف يمثل إضافة ثمينة إلى السجل الأحفوري، مضيفًا: “إنها واحدة من أكثر عينات السبينوصورات اكتمالًا في العالم.
وإدراج نوع جديد في قائمة هذا الفرع من الديناصورات يعزز الفرضية القائلة بأن السبينوصورات ربما نشأت في أوروبا الغربية، لا سيما في شبه الجزيرة الأيبيرية”.
اقرأ أيضًا:
قصة أطول زوجين في التاريخ.. حب عمره 150 عامًا باركته الملكة فيكتوريا بالذهب والألماس
السبينوصورات هي فصيلة من الديناصورات
السبينوصورات هي فصيلة من الديناصورات التي عاشت خلال العصر الطباشيري الأوسط، وقد جابت مناطق شاسعة شملت إفريقيا وبريطانيا وأجزاء من أوروبا.
وتمتاز بأطرافها الخلفية الطويلة وأطرافها الأمامية القصيرة، بالإضافة إلى ذيولها الطويلة ورؤوسها التي تشبه رؤوس التماسيح.
وعلى الرغم من شحّ الحفريات المتعلقة بها، إلا أن العلماء توصلوا إلى أن هذه الكائنات كانت شبه مائية، تقضي أغلب وقتها في الماء، لكنها كانت قادرة أيضًا على الحركة والصيد على اليابسة.
ويُقدّر طول إيبيروسبينوس ناتاريوي بحوالي عشرة أمتار (33 قدمًا)، فيما بلغ وزنه نحو ثلاثة أطنان. ومن أبرز سماته البيولوجية المميزة معدل تجديد أسنانه؛ إذ تُظهر الحفرية أن الفك كان ينتج أسنانًا جديدة باستمرار لتعويض تلك التي تتعرض للكسر أو السقوط.
يقول ماتيوس: “السبينوصورات تُعد من أكثر الديناصورات غموضًا، بسبب ندرتها وتكيّفها اللافت مع البيئات المائية. ورغم أن غذاءها الأساسي كان يعتمد على الأسماك، إلا أنها كانت تتغذى أيضًا على كائنات أخرى مثل التيروصورات”.
ومن أجل دراسة التركيب التشريحي لهذا النوع الجديد بشكل أعمق، أعاد الباحثون بناء عظامه رقميًا باستخدام تقنية النمذجة ثلاثية الأبعاد، وهو ما أتاح رؤية أكثر دقة للهياكل العظمية. وتم توفير هذه النماذج الرقمية بشكل مجاني، ليتمكن العلماء في مختلف أنحاء العالم من الوصول إليها وتحليلها.
وبحسب الدراسة، فإن كثرة الاكتشافات المتعلقة بالسبينوصورات في شبه الجزيرة الأيبيرية تدعم الفرضية القائلة بأن هذه المنطقة كانت يومًا ما مركزًا رئيسيًا لتطور هذا الفرع من الديناصورات.
إن إعادة تصنيف أحفورة بعد أكثر من 20 عامًا من اكتشافها يوضح مدى تطور أساليب البحث والدراسة في مجال علم الحفريات، كما يُبرز أهمية إعادة النظر في المكتشفات القديمة باستخدام تقنيات حديثة قد تُحدث فرقًا كبيرًا في فهمنا للماضي السحيق.
الديناصورات: بين التاريخ والإنقراض
الديناصورات هي مجموعة من الزواحف المنقرضة التي ظهرت لأول مرة قبل نحو 230 مليون سنة خلال أواخر العصر الترياسي، وسيطرت على كوكب الأرض لما يقارب 165 مليون سنة، حتى انقراضها في نهاية العصر الطباشيري قبل نحو 66 مليون سنة. وقد تنوعت الديناصورات في أشكالها وأحجامها وطرق عيشها، فمنها العاشب واللاحم، ومنها ما سار على قدمين، أو أربع، ومنها من كان يطير أو يسبح، ما يجعلها واحدة من أكثر الكائنات تنوعًا في تاريخ الحياة على الأرض.
تنتمي الديناصورات إلى طائفة الزواحف، لكنها تختلف عن الزواحف الحديثة بعدة خصائص، من أبرزها وضعية الأرجل المستقيمة تحت الجسم، مما سمح لها بالحركة بكفاءة وسرعة أكبر.
وتنقسم الديناصورات إلى مجموعتين رئيسيتين: الديناصورات السحلية الحوض (مثل البراكيوصور والتيرانوصور)، والديناصورات الطيرية الحوض (التي تطورت منها الطيور لاحقًا). وتُعد الطيور اليوم أحفادًا حية للديناصورات، إذ يشير العلماء إلى أن بعضها لم ينقرض بالكامل، بل استمر في شكل الطيور الحديثة.
لعبت الديناصورات دورًا محوريًا في النظام البيئي للأرض خلال الحقبة الوسطى (العصور الثلاثة: الترياسي، الجوراسي، الطباشيري). فقد كانت الحيوانات المهيمنة على اليابسة، وتفاعلت في سلاسل غذائية معقدة شملت مفترسات ضخمة مثل التيرانوصور والأسپينوصور، وعواشب هائلة مثل التريسراتبس والديبلودوكس.
كما أظهرت الاكتشافات الأحفورية الحديثة أن بعض الديناصورات كانت تمتلك ريشًا وألوانًا متنوعة، بل وربما سلوكيات اجتماعية متقدمة.
انتهى عصر الديناصورات فجأة بكارثة كونية يُعتقد أنها كانت اصطدام كويكب ضخم بالأرض، ما أدى إلى تغيّر مناخي حاد ساهم في انقراض نحو 75% من أشكال الحياة، بما في ذلك الديناصورات غير الطيرية.
ومع ذلك، تبقى آثار الديناصورات حاضرة حتى اليوم، سواء من خلال الحفريات التي تُمكّن العلماء من دراسة تاريخ الأرض، أو من خلال الطيور التي تُعد شاهدًا حيًا على تطورها، ما يجعلها من أكثر الكائنات إثارة للاهتمام في تاريخ الحياة.
