في غزة، لا تُسمع أصوات الطائرات فحسب، بل أنين الأمهات أيضًا. لا يتصاعد الدخان فقط من الأبنية المهدمة، بل من بطون الأطفال الجائعة أيضًا. المدينة التي كانت يومًا ما مزدحمة بالحياة، أصبحت الآن مزدحمة بالحطام، والقبور، والانتظار الطويل لوصول شاحنة مساعدات قد لا تأتي.

وسط هذا الركام، خرج الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ليطلق تحذيرًا جديدًا، لكنه بدا هذه المرة وكأنه يصرخ في وادٍ سحيق. جوتيريش لم يكن يتحدث عن أزمة عابرة، بل عن خطة إسرائيلية لـ”السيطرة الكاملة على مدينة غزة”، معتبراً إياها تصعيدًا خطيرًا “قد يفاقم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها ملايين الفلسطينيين”.
الوجوه التي تطل من بين الأنقاض لم تعد تسأل عن الكهرباء أو المدارس أو الحياة الطبيعية، بل تسأل: “متى تنتهي هذه الحرب؟”. سؤال يبدو بسيطًا، لكنه بلا إجابة حتى الآن.

في الضفة الغربية، الصورة ليست أقل كآبة. جرافات الاحتلال تهدم المنازل، والأمهات يحملن أطفالهن نحو المجهول، ومستوطنون مسلحون يوسّعون الأرض على حساب من تبقى من الفلاحين. كل شيء يسير وكأن الحياة الفلسطينية على هذه الأرض باتت تُمحى بصمت، وتُحاصَر بالجوع والدم.
اقرأ أيضا..
عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تدعو لإضراب اقتصادي شامل في 17 أغسطس
“الجوع أصبح القاتل الجديد”، هكذا قالت وكالة الأونروا، التي كانت توزع المساعدات على مليوني فلسطيني، قبل أن تُحوّل الحرب كل نقطة توزيع إلى نقطة أزمة. أما منظمة الصحة العالمية، فكشفت عن أرقام مفزعة: 12 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد في غزة خلال شهر يوليو فقط، في أعلى رقم شهري مسجل على الإطلاق.

“يجب أن تنتهي هذه الحرب الآن”، قالها المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، مُذكّرًا إسرائيل بالتزاماتها أمام محكمة العدل الدولية، ومطالبًا الجميع بأن “يُسمح للفلسطينيين والإسرائيليين بالعيش جنبًا إلى جنب في سلام”.
لكن حتى اللحظة، لا يبدو أن أحدًا يستمع لصوت الضحايا. بينما تصر إسرائيل على خطتها العسكرية، يُحرم الفلسطينيون من المساعدات، ويُهجرون من بيوتهم، ويُتركون وحيدين يواجهون موتًا بطيئًا تحت أنقاض الشرعية الدولية.