أعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، أن الاتحاد الأوروبي أعد قائمة من السلع الأميركية تبلغ قيمتها 21 مليار يورو، تمهيدًا لفرض رسوم جمركية انتقامية عليها في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري شامل مع الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة.

تاياني أشار في مقابلة نشرتها صحيفة المساجيرو الإيطالية، إلى أن هذه الإجراءات تأتي في إطار رد فعل مدروس ومنظم من جانب بروكسل على تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعلن عن نية إدارته فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على واردات من الاتحاد الأوروبي والمكسيك اعتبارًا من الأول من أغسطس.
رسوم بنسبة 30% على الاتحاد الأوروبي والمكسيك
الرئيس الأميركي كان قد خرج، في تصريحات يوم السبت، ملوحًا بسلسلة جديدة من الإجراءات الجمركية ضد شركاء بلاده التجاريين، في خطوة قال إنها تأتي ردًا على فشل مفاوضات استمرت لأسابيع مع كل من المكسيك ودول الاتحاد الأوروبي، بهدف التوصل إلى اتفاقات تجارية عادلة — من وجهة نظره — تصب في مصلحة الاقتصاد الأميركي.
ترامب اتهم شركاءه التجاريين بالتسبب في عجز تجاري مزمن للولايات المتحدة، واعتبر أن الرسوم المقترحة وسيلة لإعادة التوازن إلى الميزان التجاري، وتحقيق مبدأ “أميركا أولًا”.
الاتحاد الأوروبي يرد
من جانبه، أكد تاياني أن أوروبا لا تسعى إلى المواجهة أو التصعيد، لكنها في الوقت ذاته لن تقبل بسياسات أحادية الجانب تهدد مصالحها الاقتصادية.
اقرأ أيضًا
أسعار الذهب تقفز لأعلى مستوى في 3 أسابيع.. بعد تهديدات ترامب الجمركية
وقال:”لدينا مسؤولية حماية السوق الأوروبية والشركات والمستهلكين الأوروبيين. لذلك، أعددنا قائمة رسوم بقيمة 21 مليار يورو كإجراء أولي، وقد تتبعها حزمة ثانية إذا تبيّن أن التفاوض أصبح بلا جدوى”.
وشدد الوزير الإيطالي على أن المفاوضات لا تزال ممكنة، وأن هناك فرصة حقيقية لتحقيق تقدم، إذا أبدت الولايات المتحدة مرونة سياسية وواقعية اقتصادية.

الاقتصاد الأوروبي في مرمى النيران
وسط هذه الأجواء المتوترة، دعا تاياني البنك المركزي الأوروبي إلى تبني سياسات مالية أكثر تحفيزًا، مشيرًا إلى ضرورة إعادة إطلاق برنامج التيسير الكمي وخفض أسعار الفائدة لمساعدة اقتصاد منطقة اليورو، الذي يواجه تحديات غير مسبوقة في ظل التوترات التجارية العالمية وتباطؤ النمو.
وأوضح أن التأثيرات السلبية لأي حرب تجارية طويلة الأمد لن تقتصر على أوروبا فقط، بل ستمتد لتشمل الولايات المتحدة نفسها، لافتًا إلى أن انهيار الأسواق المالية المحتمل قد يشكل خطرًا مباشرًا على مدخرات الأميركيين وصناديق التقاعد.
الأسواق المفتوحة هي السبيل الوحيد للنمو والاستقرار
في ختام تصريحاته، دعا تاياني إلى إحياء مفهوم التجارة الحرة متعددة الأطراف، قائلاً إن الهدف المشترك يجب أن يكون إلغاء الرسوم الجمركية بالكامل بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك ودول الاتحاد الأوروبي، وفتح الأسواق دون قيود غير مبررة.
وأضاف:”الرسوم الجمركية تضر الجميع، بدءًا من الشركات إلى المستهلكين، ومرورًا بالعمال وصناديق الاستثمار.. ما نحتاجه الآن هو بناء جسور لا جدران”.
تأتي هذه التصريحات في ظل أجواء متوترة اقتصاديًا على المستوى الدولي، في وقت تتجه فيه العديد من الاقتصادات الكبرى نحو سياسات حمائية، وسط تباطؤ اقتصادي عالمي، وعودة الحديث عن الركود.
بينما تؤكد بروكسل أنها ستواصل الدفاع عن مبادئ التجارة العادلة والمتوازنة، يرى مراقبون أن الأشهر المقبلة ستشهد اختبارًا حقيقيًا للعلاقات الأوروبية الأميركية، وقدرة الطرفين على تجنب انزلاق الأزمة نحو حرب تجارية شاملة.