لا يقتصر ضرر التدخين على الرئتين والقلب فحسب، بل يمتد إلى أنسجة حساسة أخرى في الجسم، من أبرزها العين، فقد حذرت تقارير طبية حديثة من أن المواد الكيميائية السامة في دخان السجائر تدخل مجرى الدم وتصل إلى شبكية العين، العدسة، والبقعة الصفراء، مسببةً تلفاً قد يؤدي إلى فقدان دائم للبصر.
ووفق تقرير نشره موقع “Verywellhealth”، فإن التدخين يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمراض بصرية خطيرة، من بينها التنكس البقعي المرتبط بالعمر والزرق (الغلوكوما)، وهما من الأسباب الرئيسية للعمى لدى كبار السن.
كيف يؤثر التدخين على العين؟
يدخل التبغ الجسم حاملاً عشرات المركبات السامة، التي تثير التهابات في أنسجة العين، كما أن النيكوتين يرفع ضغط الدم ويُضيّق الأوعية الدموية الدقيقة، ما قد يؤدي إلى تراكم السوائل في الشبكية وتلف العصب البصري.
تأثيرات مستمرة حتى بعد الإقلاع
حتى بعد التوقف عن التدخين، تبقى بعض التأثيرات قائمة؛ إذ يستمر تضرر الغشاء القاعدي للشبكية، كما تبقى الأوعية الدموية منقبضة، ما يزيد من خطر تطوّر التنكس البقعي الجاف إلى النوع الرطب، وهو الأخطر.
العامل الوراثي.. والتدخين يزيد الخطر
تشير الأبحاث إلى أن العوامل الوراثية تساهم في نحو 70% من حالات التنكس البقعي، إلا أن التدخين يمكن أن يُضاعف الخطر لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي، ووفق “جمعية البقعة الصفراء البريطانية”، فإن ثلث حالات المرض تعود إلى مزيج من الجينات والتدخين.
ويؤكد الدكتور طارق محمد، جراح الشبكية في جامعة ميريلاند، أن “لا أحد يمكنه تغيير جيناته، لكن يمكنه التحكم في عاداته، الإقلاع عن التدخين يقلّل المخاطر بغض النظر عن الخلفية الجينية”.
أضرار مباشرة و”سطحية” للعين
بحسب الدكتورة جاكي بوين، رئيسة جمعية أطباء البصريات الأمريكية، فإن النيكوتين والقطران على الأيدي قد يلوثان العدسات اللاصقة، ما يؤدي إلى إحساس بالحرقان وجفاف العينين.
مضاعفات إضافية
التهيج المستمر لسطح العين يزيد خطر الإصابة بـإعتام العدسة (الماء الأبيض)، والتهاب القزحية، وهي حالات قد تؤثر على الرؤية بشكل دائم.
التدخين السلبي خطر لا يُستهان به
ليس المدخنون فقط من يدفعون الثمن؛ فحتى التعرّض غير المباشر لدخان السجائر قد يسبب تلفاً في الأوعية المغذية لشبكية العين، وأظهرت دراسة من هونغ كونغ أن الأطفال الذين يتعرضون لدخان سيجارة واحدة يومياً تظهر عليهم علامات ضرر في العين.
كما أن تدخين المرأة الحامل قد ينقل السموم إلى الجنين، مما يزيد خطر الإصابة باضطرابات بصرية لدى الأطفال مثل الحول أو نقص نمو العصب البصري، وهو من الأسباب الرئيسية للعمى لدى حديثي الولادة.
التدخين الإلكتروني.. بديل غير آمن للعين
السجائر الإلكترونية لا تقل خطراً على العين، إذ تحتوي على النيكوتين الذي يرفع ضغط الدم، ما يؤثر بدوره على صحة الشبكية.
ضرر مباشر لأنسجة العين
دراسات أظهرت أن بعض المواد في هذه المنتجات، مثل الفورمالديهايد، تسبب الإجهاد التأكسدي والالتهابات، مما يضر أنسجة العين وقد يفاقم مشكلات مثل جفاف العين وضعف جودة الدموع.
وأكد الدكتور محمد أن التأثيرات السلبية للمنتجات الإلكترونية على العين قد تكون خطيرة، لكن الدراسات البشرية لا تزال محدودة، مما يستدعي الحذر.
اقرأ أيضًا:
الشاي.. مشروب يومي قد يطيل العمر ويحمي من الأمراض المزمنة
هل يمكن تقليل المخاطر؟
الخطوة الأولى والأكثر أهمية بحسب الخبراء هي الإقلاع عن التدخين في أي عمر، وتشير “مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” (CDC) إلى أن التوقف عن التدخين يقلّل خطر الإصابة بأمراض العين حتى في مراحل عمرية متقدمة.
نصائح لحماية العين من تأثيرات التدخين:
-
إجراء فحص دوري للعين، خصوصاً لمن لديهم تاريخ مع التدخين.
-
اتباع نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة مثل الخضروات الورقية والأسماك.
-
ممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على الدورة الدموية.
-
التحكم في ضغط الدم ومستوى الكوليسترول.
-
الابتعاد عن مصادر التدخين السلبي قدر الإمكان.
ويُشدد الأطباء على أن الشبكية لا تجدد نفسها بسهولة، ما يجعل الوقاية عبر تغيير نمط الحياة أمراً ضرورياً للحفاظ على صحة البصر.