بسبب الجبن الفاسد وأكياس السلطة تشهد المملكة المتحدة موجة مقلقة من ارتفاع حالات التسمم الغذائي القاتل.
جاءت تلك الأنباء وسط تحذيرات عاجلة أطلقها مسؤولو الصحة من مخاطر تفشي بكتيريا السالمونيلا والطفيليات الخطيرة في الأغذية اليومية.
وكانت على رأس القائمة التي تم التحذير منها الجبن الفاسد وأكياس السلطة الجاهزة للأكل.
«الجبن الفاسد وأكياس السلطة»
وبحسب البيانات الصادرة عن وكالة الأمن الصحي البريطانية (UKHSA)، سجلت البلاد أكثر من 10,000 حالة إصابة ببكتيريا السالمونيلا خلال عام 2024، بزيادة تقارب 20% مقارنة بالعام السابق، ما يجعلها النسبة الأعلى منذ عشر سنوات. للمقارنة، سُجلت نحو 8,000 إصابة فقط عام 2015.
تنتقل السالمونيلا غالبًا عبر تناول أطعمة ملوثة، خصوصًا اللحوم النيئة أو غير المطهوة جيدًا، والدواجن، والبيض، والجبن أو الحليب غير المبستر، وحتى بعض الفواكه والخضروات.
وعلى الرغم من أن أغلب الحالات تُسبب أعراضًا خفيفة نسبيًا، فإنها قد تتفاقم لتؤدي إلى مضاعفات قاتلة مثل الجفاف الشديد أو تعفن الدم إذا وصلت البكتيريا إلى مجرى الدم.

تحذيرات من الجبن والسلطة في بريطانيا
ومع هذا التصاعد الحاد في الأرقام، دعت السلطات الصحية البريطانيين إلى اتباع إجراءات سلامة حيوية، أبرزها:
تبريد الطعام بدرجة أقل من 5 مئوية.
طهي اللحوم جيدًا حسب الإرشادات.
تجنب التلوث المتبادل بين اللحوم النيئة والخضراوات.
تنظيف ألواح التقطيع والسكاكين وأسطح تحضير الطعام.
غسل اليدين قبل وبعد إعداد الطعام.
عدم تناول أي منتج بعد تاريخ “الاستخدام قبل”، حتى وإن بدا سليمًا من حيث الرائحة أو الشكل.
ويُعد الأطفال وكبار السن، بالإضافة إلى أصحاب المناعة الضعيفة، الأكثر عرضة للمضاعفات الخطيرة جراء الإصابة.
اقرأ أيضًا
لماذا يرتفع سكر الدم رغم التزامك؟ إليك الأسباب غير المتوقعة
زيادة بنسبة 17.1% في حالات الإصابة ببكتيريا كامبيلوباكتر
وفي سياق متصل، تم تسجيل زيادة بنسبة 17.1% في حالات الإصابة ببكتيريا كامبيلوباكتر، وهي بكتيريا أخرى تسبب تسممًا غذائيًا خطيرًا قد يؤدي إلى الوفاة.
وقد ارتفع عدد المصابين بها من 60,055 حالة في 2023 إلى 70,352 حالة في 2024، بمعدل إبلاغ بلغ 121.9 حالة لكل 100,000 نسمة، بينما سجلت الفئة العمرية بين 50 و79 عامًا نسبة 44% من إجمالي الحالات.
أما في ما يخص بكتيريا السالمونيلا، فقد أظهرت الإحصاءات أن الأطفال دون العاشرة شكّلوا نسبة 21.5% من الحالات، ما يزيد من خطورة الوضع في الأُسر التي تحتوي على أطفال صغار.
وتُجري كل من هيئة الخدمات الصحية وهيئة معايير الغذاء البريطانية (FSA) تحقيقات موسعة لمعرفة أسباب ارتفاع الإصابات، ضمن تحرك مشترك لاحتواء الموقف. وقال الدكتور جيمس كوبر، نائب مدير سياسات الغذاء في هيئة معايير الغذاء:
“نبحث بدقة في العوامل التي أدت إلى ارتفاع إصابات السالمونيلا والعطيفة، وسنُفعّل نتائج هذا التحليل لاتخاذ خطوات لحماية الصحة العامة. أطلقنا حملة جديدة للتوعية ونعمل مع السلطات المحلية لدعم الشركات في ضمان سلامة الأغذية”.
ويأتي هذا التطور بعد ساعات من تحذير آخر بشأن أكياس السلطة الجاهزة للأكل، التي وُجدت ملوثة بطفيليات خطيرة قد تسبب تلفًا في الدماغ وصعوبات في التنفس.
فقد أظهرت دراسة علمية حديثة، استندت إلى تحليل 3,320 عينة سلطة بين أكتوبر 2021 وسبتمبر 2022، أن ما لا يقل عن 4% من هذه العينات كانت تحتوي على تكيسات طفيلي التوكسوبلازما غوندي.
وتُعد هذه الطفيليات من أخطر مسببات الأمراض المنقولة بالغذاء، إذ تنتقل عن طريق براز الحيوانات الذي يلوث التربة والماء، ما يجعل الأوراق غير المغسولة جيدًا بيئة مناسبة لتكاثرها.
وتكمن خطورة هذه الطفيليات في قدرتها على إصابة الإنسان دون التسبب بأعراض هضمية واضحة، حيث تظهر أحيانًا على شكل أعراض شبيهة بالإنفلونزا مثل الحمى والصداع وآلام العضلات والتشوش الذهني، وهو ما يصعّب اكتشافها في مراحل مبكرة.
وتثير هذه النتائج مخاوف إضافية، خاصة في ظل غياب إلزام قانوني في المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي يُجبر المصنعين على فحص الخضراوات الطازجة بشكل منهجي للكشف عن الطفيليات.
في ظل هذه التطورات، يجدد خبراء الصحة دعواتهم للمواطنين بعدم التهاون في التعامل مع المنتجات الغذائية، حتى تلك التي تُباع على أنها “جاهزة للأكل“، وذلك عبر غسلها جيدًا وتخزينها بالشكل الصحيح، وتجنب استهلاكها بعد تاريخ صلاحيتها.
ومع اقتراب فصل الصيف الذي تزيد فيه حالات التسمم الغذائي، يُعد الوعي الغذائي والتزام معايير السلامة مسؤولية فردية وجماعية لا بد من تعزيزها للحفاظ على صحة المجتمع البريطاني.