أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح الثلاثاء، إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق لاجتياح مدينة غزة، في خطوة وُصفت بأنها الأخطر منذ اندلاع الحرب على القطاع. وجاء الإعلان مترافقًا مع موجة كثيفة من الغارات الجوية والبرية التي استهدفت عشرات المواقع، وسط استمرار نزوح جماعي للسكان الذين يواجهون ظروفًا إنسانية بالغة الصعوبة.

تصريحات الجيش الإسرائيلي وتحذيرات للسكان
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال، في تصريحات نقلتها القناة “12 الإسرائيلية”، إن مدينة غزة باتت تُصنّف “منطقة قتال خطيرة”، محذرًا السكان من البقاء فيها بدعوى أن وجودهم “يعرض حياتهم للخطر”. وأضاف أن القوات الإسرائيلية ستواصل ما أسماها “عملية تدمير البنية التحتية التابعة لحركة حماس”، مؤكدًا أن المعركة ستكون معقدة وطويلة.
ويشير هذا الخطاب العسكري إلى أن الاحتلال يسعى لتبرير تصعيده الواسع، عبر تحميل سكان غزة مسؤولية بقائهم في مناطق القتال، في وقت تغلق فيه المعابر وتُحاصر المدينة بشكل خانق.
نزوح واسع ومأساة إنسانية
وبحسب المتحدث العسكري الإسرائيلي، فإن نحو 40% من سكان مدينة غزة قد غادروا بالفعل منازلهم، متجهين نحو مناطق وُصفت بأنها “إنسانية آمنة”. وأفادت مصادر أمنية محلية أن موجة النزوح تركزت بشكل خاص في شمال غرب المدينة، حيث اشتدت حدة القصف والعمليات البرية.
اقرأ أيضًا
الرئيس السيسي: إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء وتسعى لاستباحة المنطقة
هذا النزوح القسري يفاقم الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون في غزة منذ أشهر، حيث يعانون من انعدام الغذاء والماء والدواء، إضافة إلى انهيار شبه كامل للبنية الصحية والمرافق الحيوية.
دخول القوات البرية إلى قلب المدينة
وفي تطور ميداني لافت، ذكرت شبكة “CNN” الأمريكية، نقلاً عن مصادر إسرائيلية، أن القوات البرية الإسرائيلية بدأت بالفعل بالدخول إلى أطراف مدينة غزة، مدعومة بغطاء جوي كثيف وقصف مدفعي متواصل.
وأكد مسؤول أمني إسرائيلي كبير أن العملية “كثيفة ومهمة”، في إشارة إلى أن الاجتياح يجري على نطاق غير مسبوق، وقد يتوسع تدريجيًا ليشمل مناطق أخرى داخل المدينة. هذا التقدم يثير مخاوف من معارك شوارع دامية بين القوات الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية.
وفي تعليق سياسي على سير العملية، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن الجيش “يضرب بقبضة من حديد” البنية التحتية لحماس. وأضاف:“غزة تحترق، وجنودنا يقاتلون لتحرير المحتجزين وإزالة التهديدات الأمنية”.
وتعكس هذه التصريحات اللهجة التصعيدية التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية منذ بدء الحرب، حيث تحاول تصوير العملية على أنها معركة حاسمة تهدف إلى حسم الصراع عبر القوة العسكرية وحدها.
تقديرات بإنهاء العملية قبل نهاية العام
تشير التقديرات الرسمية في إسرائيل إلى أن عملية السيطرة الكاملة على مدينة غزة ستستغرق عدة أشهر، على أن تنتهي قبل نهاية العام الجاري. وتقول الحكومة إن هدفها هو “تطهير المدينة من البنية التحتية لحماس”، وهو ما يتوافق مع تقييمات المبعوث الأمريكي، ويتكوف، الذي رجّح أيضًا أن الحرب ستنتهي مع حلول العام الجديد.

لكن خبراء عسكريين يشككون في هذه التقديرات، نظرًا لتعقيدات القتال في المناطق الحضرية وكثافة المقاومة المسلحة داخل المدينة.
ويرى مراقبون أن إسرائيل قد تجد نفسها أمام استنزاف طويل المدى، خاصة مع تصاعد الضغوط الدولية بسبب الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
مع دخول القوات الإسرائيلية إلى مدينة غزة، يواجه مئات الآلاف من المدنيين وضعًا بالغ القسوة. فالمدينة التي كانت مكتظة بالسكان تحولت إلى مسرح عمليات عسكرية، فيما يفتقر الأهالي إلى أماكن آمنة يلجؤون إليها. كما أن تواصل القصف وغياب الخدمات الأساسية ينذر بتفاقم الأزمة إلى مستويات غير مسبوقة.
ويرى محللون أن اجتياح غزة قد يشكل منعطفًا خطيرًا في مسار الحرب، وربما يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر دمويّة، في ظل غياب أي أفق لحل سياسي قريب.