أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن بلاده اقترحت على روسيا عقد جولة جديدة من محادثات السلام خلال الأسبوع المقبل، وذلك في محاولة لإعادة إحياء المسار الدبلوماسي المتعثر منذ فشل الجولات السابقة.

وأوضح زيلينسكي، في خطابه اليومي الذي ألقاه مساء السبت، أن رئيس مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، رستم عمروف، قدّم مقترحاً رسمياً لعقد اجتماع جديد مع الوفد الروسي بهدف الدفع قدماً بعملية السلام التي تعاني من الجمود، قائلاً: “يجب تعزيز زخم المفاوضات”.
اقرأ أيضًا
سوريا: قافلة طبية عاجلة إلى السويداء عقب وقف إطلاق النار
مفاوضات إسطنبول
وكانت جولتان من المحادثات قد عُقدتا بين الطرفين في مدينة إسطنبول التركية خلال شهر يونيو الماضي، لكنها انتهت دون تحقيق أي تقدم ملموس نحو وقف إطلاق النار أو تهدئة العمليات العسكرية. واقتصرت نتائج تلك الجولات على التوصل إلى تفاهمات بشأن عمليات تبادل أسرى وجثامين القتلى من الجنود بين الجانبين.
ورغم أن تلك التفاهمات اعتُبرت خطوة إنسانية مهمة، إلا أنها لم ترقَ إلى مستوى التوقعات السياسية أو العسكرية، ما دفع مراقبين للتشكيك في جدوى المفاوضات إذا لم تتغير شروط الجانب الروسي.
شروط روسية صارمة ورفض أوكراني قاطع
خلال الجولة الماضية من المحادثات، عرض الجانب الروسي مجموعة من المطالب الصارمة، كان أبرزها تنازل أوكرانيا عن مزيد من أراضيها شرقاً، ووقف كل أشكال الدعم العسكري الذي تتلقاه كييف من الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي (ناتو).
لكن القيادة الأوكرانية رفضت هذه المطالب بشكل قاطع، ووصفتها بأنها “غير واقعية” و”لا تمثل أساساً جاداً لأي تسوية سياسية”.
وشددت كييف على أن أي مفاوضات مستقبلية يجب أن تُبنى على احترام وحدة الأراضي الأوكرانية، وسيادتها، وحقها المشروع في الدفاع عن النفس.
وفي هذا السياق، قال زيلينسكي: “السلام الحقيقي والدائم لا يمكن أن يقوم على الإملاءات، بل على الحوار المتكافئ بين الدول”.
الرئيس الأوكراني يؤكد استعداده للقاء بوتين
في تطور لافت، أعاد الرئيس الأوكراني التأكيد على استعداده للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين وجهاً لوجه، في محاولة لإحداث اختراق في مسار السلام. وقال في خطابه:
“لا بد من لقاء على مستوى القيادة لضمان سلام حقيقي – سلام دائم. هذا ما يطلبه الشعب الأوكراني، وما يتطلبه الاستقرار الإقليمي والدولي.”
ورغم أن روسيا لم تصدر موقفاً رسمياً من دعوة زيلينسكي الأخيرة، إلا أن إشارات سابقة من الكرملين لم تُبدِ انفتاحاً واضحاً تجاه فكرة عقد اجتماع رئاسي مباشر دون تهيئة ظروف ملائمة مسبقة.
ترامب يضغط ويمنح مهلة.. والعقوبات في الأفق
وفي السياق الدولي، أشار الكرملين مطلع هذا الشهر إلى أنه منفتح على مواصلة المحادثات، وذلك في أعقاب تحذير من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أمهل موسكو 50 يوماً للتوصل إلى اتفاق سلام مع كييف، أو مواجهة حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية والعسكرية.
وتعهّد ترامب، ضمن هذا الإطار، بتقديم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بالتنسيق مع دول حلف شمال الأطلسي، خاصة في ظل تصاعد الهجمات الجوية الروسية على مدن أوكرانية عدة خلال الأسابيع الماضية.
يأتي هذا التحرك السياسي من جانب كييف وسط ظروف عسكرية صعبة ومعقدة، حيث تتعرض منشآت مدنية وعسكرية أوكرانية لهجمات جوية وصاروخية مكثفة، الأمر الذي يُزيد من الضغط على القيادة الأوكرانية لتحقيق نوع من التقدم على جبهة التفاوض، أو على الأقل تقليل التصعيد العسكري.
وفي ظل هذا المشهد المتداخل بين التصعيد العسكري والدعوات إلى السلام، تبقى فرص نجاح الجولة المقترحة من المفاوضات مرهونة بمدى استعداد موسكو لتقديم تنازلات واقعية، وكذلك بمدى قدرة الحلفاء الغربيين على لعب دور فعال في رعاية أي تفاهمات مقبلة.