اعتبر توم باراك، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والسفير الأميركي لدى تركيا، أن مفهوم السلام في الشرق الأوسط “مجرد وهم”، محيلاً ذلك إلى تعدد الصراعات والصراع على الشرعية بين الأطراف، في تصريحات أثارت جدلاً قبيل انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
تصريحات صادمة لـ توم باراك في ظل تصعيد دولي
جاءت تصريحات توم باراك خلال مقابلة مع البرنامج الذي تقدمه الإعلامية هادلي غامبل على شبكة “سكاي نيوز عربية” (On the Record)، حيث قال إن «عندما نقول سلام، فهو مجرد وهم»، مشيراً إلى أن المنطقة «لم تشهد سلاماً من قبل وربما لن تشهده أبداً لأن الجميع يقاتلون من أجل الشرعية». وأضاف أن محاولات وقف القتال المتكررة فشلت حتى الآن، مشيراً إلى نحو 27 اتفاقاً لوقف إطلاق النار لم ينجح أي منها في تحقيق سلام دائم.

تصريحات توم باراك صدرت بعد أيام من استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة — وهو الفيتو السادس الذي تستخدمه واشنطن في هذا النزاع منذ اندلاعه. ووصف مراقبون في الأمم المتحدة ومصادر دبلوماسية أن فيتو واشنطن زاد من إحساس العزلة الدبلوماسية لدى إدارة الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وأثار انتقادات واسعة في الأوساط الدولية من جهة أخرى.
الأرقام الإنسانية التي استند إليها النقاش
أشار النقاش إلى حجم الخسائر في غزة، حيث تقدر وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى بلغ نحو 65 ألفاً فلسطينيًا منذ تجدد الحرب في أكتوبر 2023، وهو رقم استُخدم لتسليط الضوء على حدة الأزمة الإنسانية وتبرير الضغوط الدولية لوقف العمليات العسكرية. يربط مسؤولو الإغاثة وبين تفاقم الأزمة وضرورة فتح ممرات للمساعدات وحماية المدنيين
موقف باراك من سياسات إسرائيل وعلاقة واشنطن بها
رغم انتقاده لوضع السلام في المنطقة، أعاد باراك التأكيد على أن الولايات المتحدة ترى في إسرائيل «حليفاً مهماً»، مشدداً على الدعم المالي والأمني الأميركي المتواصل. وأوضح أن الموقف الأميركي معقّد: فواشنطن تدعم أمن إسرائيل لكنها أيضاً قلقة من تداعيات التحولات الإقليمية والوضع الإنساني في غزة. وأضاف أن النقد المتزايد لسياسات إسرائيل ينعكس في الشارع الدولي لكنه لا يقود تلقائياً إلى تغيير في سياسة واشنطن تجاه تل أبيب.
قبيل انعقاد اجتماعات الأمم المتحدة قال توم باراك إن اعترافات بعض أعضاء مجلس الأمن بدولة فلسطين «غير مفيدة» ولا تسهم عملياً في حل الصراع، معتبراً أن الخطوات الدبلوماسية من دون مسار تفاوضي قابل للتنفيذ قد تكون رمزية أكثر منها مبدئية لتحريك ملف السلام.
اقرأ أيضًا:
بريطانيا تحذر إسرائيل من ضم الضفة الغربية بعد الاعتراف بدولة فلسطين
ملف حزب الله ونزع السلاح: من المسؤول؟
انتقل النقاش في المقابلة إلى لبنان وحزب الله، حيث رأى باراك أن الرواية التي يروّجها الحزب بأنه حماية للبنان من إسرائيل تعززت بفعل الهجمات الإسرائيلية على محاور متعددة. ورأى أن نزع سلاح حزب الله يجب أن يكون قراراً لبنانياً تتخذه الحكومة والجيش اللبناني، معتبراً أن الجيش هو «القوة الوحيدة المتاحة على الأرض» لكنّه أشار إلى أن الجيش يفتقر للتجهيز الكافي، وأن واشنطن غير مستعدة لإرسال قوات لحل المشكلة بالقوة. كما حمّل باراك إيران وحزب الله مسؤولية استمرار التهديدات المسلحة في المنطقة ودعا إلى قطع مصادر تمويل الحزب كجزء من الحل.
تصريحات توم باراك تُعد مؤشراً على الصعوبة التي تواجهها الوساطات والدبلوماسية الأميركية في الوقت الذي تتصاعد فيه المطالب الدولية بوقف النزاع وتزايد الاعترافات بدولة فلسطين من دول غربية. وتدل تصريحاته على تباين داخلي في الاستراتيجية الأميركية بين الحفاظ على التحالف مع إسرائيل ومواجهة تزايد الضغوط الإنسانية والدبلوماسية الدولية لمعالجة الأزمة الفلسطينية عبر حلول سياسية متعددة الأطراف.