تتطلع السلطة الفلسطينية إلى لعب دور محوري في إدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، رغم التحديات السياسية التي تواجهها والاعتراضات الإسرائيلية المتوقعة، حيث تعوّل رام الله على دعم عربي ودولي متزايد لضمان حضورها في مستقبل القطاع.
ووفقًا لمسؤولين فلسطينيين، فإن السلطة ترى نفسها الجهة الأجدر بإدارة غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية، خصوصًا في ظل الجهود الأميركية الرامية إلى صياغة ترتيبات جديدة لما بعد الحرب.
ترتيبات ما بعد الحرب ومبادرات دولية متنافسة حول إدارة غزة
بدأت الأنظار تتجه نحو مستقبل حكم غزة مع اقتراب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المتوقع، في خطوة أولى ضمن خطة السلام التي تقودها الإدارة الأميركية لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين.
وتتضمن المرحلة التالية من الاتفاق بحث ملفات معقدة، أبرزها نزع سلاح حركة حماس وإنهاء حكمها للقطاع الذي سيطرت عليه منذ عام 2007، عقب اشتباكات داخلية مع حركة فتح.
وتشير الخطة التي قدمها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى أن إدارة غزة بعد الحرب ستتولاها لجنة فلسطينية من التكنوقراط بإشراف دولي، على أن تُجري السلطة الفلسطينية إصلاحات سياسية وإدارية واسعة قبل تولي زمام الأمور بشكل كامل.
ورغم أن رام الله أبدت ترحيبًا مبدئيًا بالجهود الأميركية، فإن مسؤولين فلسطينيين أعربوا في تصريحات غير معلنة عن استيائهم من تهميش دور السلطة في المقترح الأميركي، بينما برزت مبادرة سعودية – فرنسية بديلة تؤكد على ضرورة أن تكون السلطة الفلسطينية الجهة القيادية في إدارة القطاع.
إصلاحات فلسطينية واستعداد لتولي المسؤولية في غزة
في هذا السياق، أعلن الرئيس محمود عباس التزامه بمجموعة من الإصلاحات الداخلية، تشمل مكافحة الفساد وتنظيم انتخابات عامة، وهي خطوات لاقت ترحيبًا من عدة دول غربية دعمت مؤخرًا الاعتراف بدولة فلسطين.
وأكد ثلاثة مسؤولين فلسطينيين كبار أن السلطة الفلسطينية مستعدة للانخراط العميق في إدارة غزة، مستندين إلى وجودها الإداري القائم فعليًا في بعض جوانب الحياة داخل القطاع منذ عام 2007، حيث تواصل دفع رواتب عشرات الآلاف من الموظفين والإشراف على قطاعات التعليم والطاقة والخدمات العامة.
محمد مصطفى: نحن موجودون فعليًا في غزة وبدعم عربي متزايد
من جانبه، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، في تصريحات لوكالة “رويترز“، إن السلطة الفلسطينية لم تغب عن غزة طوال السنوات الماضية، مؤكدًا: “نحن بالفعل موجودون هناك”.
وأوضح أن وجود ترتيبات دولية مؤقتة للمراقبة والمساعدة قد يكون مفيدًا في المرحلة الأولى، لكنه شدد على أن “الحكم الفعلي وإنجاز الأمور على الأرض مهمة فلسطينية بحتة”.
وأضاف مصطفى أن العديد من الدول، بما فيها العربية، ترى أن السلطة الفلسطينية يجب أن تكون الجهة المسؤولة عن غزة لأنها “الطريقة العملية الوحيدة لضمان إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار”.
ويرى مراقبون أن دعم السعودية ومصر والأردن للسلطة الفلسطينية في هذه المرحلة يشكل ركيزة أساسية في أي ترتيبات مستقبلية تخص إدارة القطاع وإعادة توحيد الضفة الغربية وغزة تحت سلطة واحدة، في إطار المساعي المستمرة لإحياء مشروع الدولة الفلسطينية.
اقرأ ايضًا…الرئيس المصري: اتفاق غزة يفتح باب الأمل لشعوب المنطقة في غدٍ تسوده العدالة والاستقرار