ندّد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدانوم غيبريسوس، بالهجوم الذي استهدف المستشفى السعودي بمدينة الفاشر السودانية، وهو المستشفى الوحيد الذي لا يزال يعمل جزئيًا في المدينة المنكوبة.
وقال غيبريسوس في منشور عبر منصة “إكس” إن قسم الأطفال في المستشفى تعرض يوم الأحد لهجوم جديد، ما أسفر عن مقتل ممرضة وإصابة ثلاثة ممرضين آخرين.
وأضاف أن انقطاع الاتصالات في المنطقة يمنع المنظمة من متابعة تطورات الوضع ميدانيًا أو التحقق من حجم الأضرار والخسائر البشرية.
ويأتي هذا الاعتداء في وقت تواجه فيه مدينة الفاشر وضعًا صحيًا وإنسانيًا متدهورًا، وسط نقص حاد في الأدوية والإمدادات الطبية، ما يهدد حياة آلاف المدنيين، وخاصة الأطفال والمرضى.

الأمم المتحدة: خطر الفظائع يتصاعد والوضع “حرج للغاية”
في السياق نفسه، حذّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن مدينة الفاشر تمر بمرحلة حرجة للغاية، مشيرًا إلى أن خطر وقوع “انتهاكات وجرائم ذات دوافع إثنية” يتزايد يومًا بعد يوم، بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على المدينة.
وقال تورك في بيان رسمي إن التقارير الواردة من الميدان تشير إلى عمليات إعدام ميدانية استهدفت مدنيين حاولوا الفرار، مع وجود مؤشرات قوية على أن بعض تلك الانتهاكات تستند إلى دوافع عرقية.

ودعا المفوض الأممي إلى تحرك عاجل من المجتمع الدولي لضمان حماية المدنيين وتأمين ممرات آمنة للراغبين في مغادرة مناطق القتال إلى أماكن أكثر أمنًا، كما أكد أن مكتبه يتلقى تقارير مستمرة عن تدهور الوضع الإنساني وصعوبة وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة نتيجة تصاعد القتال وغياب الضمانات الأمنية.
البرهان: القوات المسلحة قادرة على قلب الطاولة
في المقابل، أكد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن الجيش السوداني لا يزال قادرًا على تغيير مجريات المعركة واستعادة السيطرة.
وقال البرهان في كلمة ألقاها عبر التلفزيون الرسمي إن “القوات المسلحة والقوات المشتركة قادرة على تحقيق النصر، ونحن نستطيع أن نقلب الطاولة”، مضيفًا أن الجيش سيواصل القتال “حتى تطهير هذه الأرض والقضاء على المرتزقة”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.
جاءت تصريحات البرهان بعد يوم واحد من إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مقر قيادة الجيش في مدينة الفاشر، آخر معاقل القوات الحكومية في إقليم دارفور غربي السودان.

ويُنظر إلى هذا التطور العسكري على أنه نقطة تحول في الصراع، الذي دخل عامه الثاني دون أي بوادر للحل.
عام ونصف من الحرب والانقسام ومعاناة المدنيين
تعود جذور الصراع إلى أبريل 2023 حين اندلعت مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على خلفية صراع على السلطة خلال المرحلة الانتقالية التي كان يُفترض أن تنتهي بانتخابات تمهد لحكم مدني ديمقراطي. غير أن الصراع تحول إلى حرب شاملة دمّرت البنية التحتية في عدد كبير من المدن السودانية، وتسببت في نزوح ملايين الأشخاص داخليًا وخارجيًا.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف سكان السودان يعانون اليوم من الجوع والأمراض، بينما أصبحت مناطق واسعة من البلاد خارج نطاق الخدمات الطبية والإنسانية.
وتسيطر قوات الدعم السريع حاليًا على معظم إقليم دارفور غربي السودان، بعد أن فرضت حصارًا خانقًا على مدينة الفاشر منذ نحو 18 شهرًا، في حين يحتفظ الجيش بسيطرته على النصف الشرقي من البلاد.
ومع استمرار العمليات العسكرية وسقوط الضحايا المدنيين، تتصاعد الدعوات الدولية لوقف فوري لإطلاق النار واستئناف المفاوضات السياسية برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
اقرأ ايضًا…إعادة انتخاب بول بيا لولاية ثامنة في الكاميرون وسط توتر واحتجاجات بين المعارضة والأمن