تسقط الصهيونية في أكبر وأهم جامعة في جنوب إفريقيا، جراء حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. فهناك على منحدرات جبل تيبل الشهير، ظلت جامعة كيب تاون لعقود من الزمان المدرسة المفضلة لليهود الذين أصبحوا منبوذون اليوم بسبب جرائم إسرائيل منذ أكثر من عام، وجاء الوقت لكي يكون من المرعب أن يعلن أحدهم أنه “صهيونيًا”..
الصهيونية بين فكي الأسد الإفريقي

في دعوة تبرهن رفض ونبذ الصهيونية، رفع أستاذ في الدراسات اليهودية دعوى قضائية ضد جامعة كيب تاون، متهما إياها بأن “سياساتها المعادية لإسرائيل” الجديدة قد تمنعه من القيام بعمله، بعدما تبنى مجلس الجامعة (أعلى هيئة لصنع القرار في الجامعة) القرار في يونيو الماضي، والذي ينص على أنه: “لا يجوز لأي أكاديمي في جامعة كيب تاون الدخول في علاقات، أو مواصلة العلاقات، مع أي مجموعة بحثية أو شبكة ترتبط مؤلفاتها بقوات الدفاع الإسرائيلية أو المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الأوسع”.
وفي دعوى قضائية رفعها في المحكمة العليا في جنوب إفريقيا الشهر الماضي، قال البروفيسور آدم مندلسون، مدير مركز إسحاق وجيسي كابلان للدراسات اليهودية في الجامعة، إن القرارات قد تعرض قدرته على إجراء البحوث للخطر وتنتهك حريته الأكاديمية. وأشار إلى أن الطلاب اليهود لا يستطيعون أن يكونوا صهيونيين علنًا في الحرم الجامعي، الذي تربطه روابط عميقة باليهود منذ عقود إلى الحد الذي جعل فريق الرجبي الشهير التابع لها يطلق عليه اسم “آيكي تايجرز”. وربما لا يدرك الكثير من سكان جنوب إفريقيا أن كلمة “آيكي” كانت تستخدم ذات يوم كصفة لليهود.
في دعوته، أرفق مندلسون، توضيحًا بأن القرار قد يؤدي إلى استبعاد التعاون مع الغالبية العظمى من الأكاديميين الإسرائيليين نظرًا إلى أن معظم الإسرائيليين ملزمون بموجب القانون بالخدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي، وبالتالي لديهم نوع من الانتماء للجيش. وأضاف البروفيسور اليهودي أن تلك القرارات ترفض تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) لمعاداة السامية – وهو التعريف الأكثر استخدامًا في العالم – بسبب “خلطه بين انتقاد الصهيونية وسياسات إسرائيل باعتبارهما معاداة للسامية”.

وبالرغم من أن جامعة “كيب تاون” ليست المؤسسة الوحيدة للتعليم العالي في جنوب إفريقيا التي أقدكت على مثل هذه المقاطعة، لكنها الأكثر شهرة والأكثر هيبة – والوحيدة التي تضم عددًا كبيرًا نسبيًا من الطلاب اليهود إذ تضم حوالي 400 طالب يهودي، من إجمالي حوالي 29000 طالب. ومندلسون، هو المحقق الرئيسي في مشروع لتتبع معاداة السامية على وسائل التواصل الاجتماعي في جنوب إفريقيا. ويقول: “إن جوهر هذا البحث هو الحرية في تعريف معاداة السامية. وإن القرار برفض تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست يفرض قيودًا محتملة”.
إقرأ أيضًا:
«خالتي بتسلم عليك» كيف استخدم السوريون الشفرات السرية للهرب من قبضة الأسد؟
الصهيونية في خطر.. توترات بين جنوب إفريقيا وإسرائيل

مررت جامعة “كيب تاون” تلك القرارات – والتي لم يتم تنفيذها بعد، في السياق الأوسع للعلاقات المتوترة بين جنوب إفريقيا وإسرائيل. فمنذ عام 2018، عندما استدعت جنوب إفريقيا سفيرها من إسرائيل، كانت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين محدودة. وتصاعدت التوترات في ديسمبر الماضي، عندما رفعت الدولة الإفريقية دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، بسبب ارتكابها إبادة جماعية في قطاع غزة.
وفي دعاوى الرفض لسياسات الجامعة، ووفقًا لما ذكرته صحيفة هآرتس العبرية، فإن الجامعة لا تحظر على الطلاب التلويح بأعلام حماس وحزب الله في الحرم الجامعي، أو دعوة ممثلي هذه المنظمات ــ التي تصنف على أنها جماعات إرهابية في العديد من الدول الغربية ــ لمخاطبة الطلاب. كما لم تتخذ الجامعة أي إجراء ضد منتدى التضامن الفلسطيني، وهي منظمة طلابية احتفلت علنًا بأحداث السابع من أكتوبر.
وعندما طُلب منه التعليق، قال المتحدث باسم جامعة كيب تاون إيليجاه موهولولا: “لقد لاحظت جامعة كيب تاون طلب المراجعة الذي قدمه أحد أعضاء هيئة التدريس الأكاديميين في المؤسسة إلى محكمة كيب الغربية العليا. تدرس جامعة كيب تاون الأمر وسترد من خلال العمليات ذات الصلة”.
جامعة كيب تاون (University of Cape Town – UCT)

تعد الجامعة واحدة من أعرق الجامعات في إفريقيا وواحدة من أقدم مؤسسات التعليم العالي في جنوب إفريقيا. وتأسست في عام 1829 باسم “الكلية الجنوبية الإفريقية”، وأصبحت جامعة كاملة في عام 1918. تُعتبر الجامعة اليوم مركزًا متميزًا للتعليم والبحث على المستوى العالمي.
تُصنّف جامعة كيب تاون بشكل دائم كواحدة من أفضل الجامعات في إفريقيا. وتحظى بمكانة مرموقة في التصنيفات الدولية. وتقدم الجامعة مجموعة واسعة من البرامج الأكاديمية تشمل: (العلوم والهندسة، الطب والصحة، العلوم الاجتماعية والإنسانية، القانون، الأعمال والاقتصاد).
تقع الجامعة في مدينة كيب تاون الساحرة، وهي معروفة بموقعها المميز عند سفوح جبل الطاولة (Table Mountain)، مما يجعلها واحدة من أجمل الجامعات عالميًا. كما تعد رائدة في الأبحاث المتعلقة بالمجالات الحيوية مثل الصحة العامة، التغير المناخي، والابتكارات التقنية. وتساهم في مشاريع تعاونية مع جامعات ومؤسسات بحثية عالمية. وتضم الجامعة مجتمعًا طلابيًا متنوعًا من مختلف أنحاء العالم.