الصين.. أعلنت وزارة التجارة الصينية أن عدد الشركات الجديدة ذات الاستثمار الأجنبي التي تم تأسيسها في البلاد خلال النصف الأول من عام 2025 بلغ 30 ألف شركة، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 11.7% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك في مؤشر إيجابي على استمرار جاذبية السوق الصينية للمستثمرين الأجانب على صعيد تأسيس الأعمال، بالرغم من التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية.

انخفاض ملحوظ في حجم التدفقات المالية بالصين
ورغم النمو في عدد الكيانات الاستثمارية الجديدة، انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر قيد الاستخدام الفعلي بنسبة 15.2% على أساس سنوي، ليبلغ نحو 423.23 مليار يوان، ما يعادل 58.96 مليار دولار أمريكي. ويُشير هذا الانخفاض إلى استمرار تأثير التوترات التجارية الدولية، وتحديداً السياسات الجمركية المتشددة التي تقودها الولايات المتحدة، على حجم التدفقات المالية الحقيقية إلى الاقتصاد الصيني.
الصناعات التحويلية والخدمات في الصدارة
ومن حيث توزيع الاستثمار على القطاعات، استحوذ قطاع الصناعات التحويلية على استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 109.06 مليار يوان، فيما جذب قطاع الخدمات النصيب الأكبر بنحو 305.87 مليار يوان، بحسب بيانات وكالة الأنباء الصينية الرسمية “شينخوا”.
أما القطاعات فائقة التكنولوجيا، فقد سجلت أداءً لافتاً، حيث بلغت قيمة الاستثمارات فيها 127.87 مليار يوان، وشهدت نمواً ملحوظاً في صناعات استراتيجية مثل:
-
خدمات التجارة الإلكترونية: بزيادة 127.1%
-
صناعة الأدوية الكيميائية: بزيادة 53%
-
صناعة المركبات والمعدات الجوية والفضائية: بزيادة 36.2%
-
صناعة الأجهزة والمعدات الطبية: بزيادة 17.7%
تعكس هذه الزيادات اتجاهاً متصاعداً نحو الاستثمار في القطاعات الابتكارية والمرتبطة بالاقتصاد الرقمي والبحث العلمي، والتي تُعد من ركائز استراتيجية “الصين الذكية” للنمو المستدام.
اقرأ أيضًا
ترامب يجدد تهديده بفرض رسوم جمركية على دول “بريكس” ويتوعد بانهيار المجموعة
نمو مناخي في الاستثمارات القادمة من آسيا وأوروبا
من حيث مصادر الاستثمار، شهدت الاستثمارات الفعلية من دول رابطة آسيان (ASEAN) نمواً سنوياً بنسبة 8.8%، في حين ارتفعت الاستثمارات القادمة من بعض الدول الأوروبية والآسيوية بنسب متفاوتة، كان أبرزها:
-
سويسرا: نمو بنسبة 68.6%
-
اليابان: 59.1%
-
المملكة المتحدة: 37.6%
-
ألمانيا: 6.3%
وتُظهر هذه الأرقام أن الشركات الأوروبية والآسيوية لا تزال ترى فرصاً واعدة في السوق الصينية، خاصة في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي والحاجة إلى أسواق واسعة ومرنة.
بكين تطلق حوافز جديدة لاحتواء التراجع
في محاولة لوقف التراجع في تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، أعلنت الحكومة الصينية عن حزمة جديدة من الإجراءات تهدف إلى تشجيع المستثمرين الأجانب على إعادة استثمار أرباحهم داخل البلاد، وذلك ضمن خطة أوسع لإعادة تنشيط الاقتصاد وخلق بيئة أكثر ملاءمة للاستثمار.
وتشمل الإجراءات:
-
توسيع فتح القطاعات المغلقة سابقاً أمام الاستثمارات الأجنبية
-
منح حوافز ضريبية لإعادة استثمار الأرباح
-
تبسيط الإجراءات الإدارية والجمركية
-
تحسين حماية حقوق الملكية الفكرية والتجارية
التوترات التجارية تلقي بظلالها
ورغم الجهود المكثفة، لا تزال البيئة الخارجية تمثل تحدياً كبيراً، في ظل استمرار التوترات التجارية بين بكين وواشنطن، خاصة بعد التصعيد الأخير من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي فرض رسوماً جمركية جديدة على قطاعات صناعية واسعة في الصين، مما يهدد بتقليص هامش الربح في تلك القطاعات ويُعقّد المشهد الاستثماري.
رؤية مستقبلية
ويرى مراقبون أن الصين تسعى إلى إعادة هيكلة بيئتها الاستثمارية بعيداً عن الاعتماد على الصناعات التقليدية، عبر تعزيز دور التكنولوجيا والخدمات، وهو ما يتماشى مع التحول الاستراتيجي نحو الابتكار والاستهلاك المحلي، دون أن تتخلى عن موقعها كمركز عالمي للتصنيع والتصدير.