الصين.. وجّه نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، هي ليفنغ، الذي يشغل منصب كبير مفاوضي بلاده التجاريين مع الولايات المتحدة، تحذيرًا لاذعًا بشأن التداعيات العميقة لـ”الاضطرابات والتحوّلات” التي يشهدها النظام الاقتصادي العالمي، مؤكدًا أن “بعض الدول” – في إشارة ضمنية للولايات المتحدة – تسعى لتقويض مبدأ التجارة الحرة.
وجاءت تصريحات ليفنغ خلال افتتاح فعاليات معرض الصين الدولي لسلاسل التوريد، الذي يُعقد هذا الأسبوع في العاصمة بكين، ويعد من أبرز المنصات التي تسعى الصين من خلالها إلى تعزيز دورها في تنظيم وتحديث البنية التجارية العالمية، في ظل تصاعد التوتر مع واشنطن.

الصين تتهم الولايات المتحدة بتقويض التجارة الحرة
في كلمته الافتتاحية، قال ليفنغ إن العالم يعيش “تغيرات لم يشهدها منذ قرن”، مضيفًا:“بعض الدول تتدخل في الأسواق الحرة تحت ذريعة تقليل المخاطر، من خلال فرض رسوم جمركية أو قيود غير مبررة على التدفقات التجارية”.
العبارات التي استخدمها المسؤول الصيني لم تُسمِ الولايات المتحدة صراحة، لكنها تتماشى مع موقف بكين المستمر من السياسات الاقتصادية التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تشمل فرض رسوم جمركية على مئات السلع الصينية.
وأشار ليفنغ إلى أن هذه الإجراءات تُشكّل تهديدًا لاستقرار سلاسل الإمداد العالمية، وتؤدي إلى “تشابك وتراكم مخاطر متعددة”، داعيًا إلى التعاون الدولي لمواجهة هذه التحديات.
ذاكرة غير سعيدة مع الحروب التجارية
تاريخيًا، ارتبطت العلاقة الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة بمراحل من الشد والجذب، إلا أن الحرب التجارية التي اندلعت في عهد ترامب ابتداء من عام 2018 تُمثل نقطة تحول جذرية في العلاقة بين القوتين الاقتصاديتين.
فقد أدت الرسوم الجمركية المتبادلة بين البلدين إلى تقليص حجم التبادل التجاري وتباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على التصدير، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والتصنيع.
وتسعى الصين اليوم إلى استعادة صورتها كمدافع عالمي عن التعددية الاقتصادية والتجارة الحرة، في وقت تتعرض فيه لاتهامات متزايدة باستخدام أدوات اقتصادية لتحقيق أهداف سياسية، وخاصة في آسيا وأفريقيا.
دعوة إلى التكاتف العالمي في وجه “التسييس المفرط”
هي ليفنغ شدد خلال كلمته على ضرورة أن تتحد الدول في مواجهة تسييس التجارة، قائلاً:“يجب علينا تعزيز التوافق العالمي بشأن قضايا التنمية، ورفض التسييس والأدلجة المفرطة للقضايا الاقتصادية، والعمل معاً من أجل الحفاظ على بيئة دولية منفتحة وتعاونية.”
ويعكس هذا الخطاب استراتيجية بكين الجديدة في مواجهة التحديات الاقتصادية، إذ تروج لنفسها على الساحة الدولية كـ”شريك تجاري موثوق” في مواجهة ما تصفه بسياسات الهيمنة الأمريكية.
ويُعد معرض الصين الدولي لسلاسل التوريد مناسبة رئيسية لبكين لتأكيد التزامها بتعزيز الاستقرار في التجارة العالمية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحسين تكاملها ضمن سلاسل الإنتاج الدولية، التي تأثرت بشدة بعد جائحة كورونا والصراعات الجيوسياسية.
ويحظى المعرض بمشاركة واسعة من شركات دولية وممثلي حكومات، وسط توقعات بأن تستغله الصين كمنبر لتقديم مبادرات جديدة تتعلق بـتوطين التصنيع وتطوير “المرونة الذاتية” في مواجهة الضغوط الغربية.
اقرأ أيضًا
الولايات المتحدة تحت النار.. حرائق مدمرة وعواصف نادرة
الرسوم الأمريكية والتأثيرات الممتدة
منذ بدء الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، فرضت واشنطن تعريفات جمركية بنسب تصل إلى 25% على مئات المنتجات الصينية، ما تسبب في تراجع الصادرات الصينية لبعض القطاعات الحيوية، وأدى إلى ردود صينية مقابلة استهدفت سلعًا أمريكية مثل فول الصويا والسيارات.
ورغم بعض محاولات التهدئة، فإن التصعيد عاد مجددًا في ظل إدارة ترامب، وسط وعوده المتكررة بـ”حماية الصناعات الأمريكية”، بينما تواصل الصين انتقاد السياسات الأمريكية باعتبارها إجراءات أحادية تضر بالنظام التجاري العالمي.