تتجدد في لبنان موجة النقاشات المحتدمة حول مستقبل سلاح “حزب الله” ودوره في المشهد السياسي والأمني، في وقت تكثّف فيه الولايات المتحدة ضغوطها لدفع بيروت نحو احتكار السلاح بيد الدولة فقط، وهو ما يثير مخاوف في الداخل اللبناني من العودة إلى ما يُشبه زمن الوصاية، لكن هذه المرة عبر أدوات مختلفة.
محاولة إعادة صياغة الدور الأميركي
وبحسب تقارير إعلامية متواترة، تعمل واشنطن على إعادة صياغة مقاربتها للملف اللبناني، مع التشديد على أن استمرار وجود “حزب الله” كقوة عسكرية موازية للجيش اللبناني يمثل عائقًا أمام استقرار الدولة، ويقوض سيادتها الوطنية.
استهداف المقاومة مشروع وصاية جديد
في مداخلة تلفزيونية مع برنامج “التاسعة” على قناة “سكاي نيوز عربية”، اعتبر الكاتب والباحث السياسي فيصل عبد الساتر أن الحديث المتجدد عن نزع سلاح “حزب الله” ليس إلا محاولة لإعادة إنتاج مشروع وصاية على لبنان، ولكن هذه المرة بغطاء داخلي ودولي.
وشدد عبد الساتر على أن سلاح المقاومة لم يكن يومًا خارج المصلحة الوطنية، بل ساهم في تحقيق توازن الردع مع إسرائيل، معتبرًا أن الضغوط الأميركية تهدف إلى خلق دولة ضعيفة تابعة للقرار الخارجي، عبر الضغط لنزع سلاح المقاومة.
السيادة اللبنانية والتبعية للخارج
وأضاف عبد الساتر أن الحديث عن السيادة الحقيقية يجب أن يبدأ بتحرير القرار اللبناني من التبعية للسفارات والضغوط الإقليمية، قبل مهاجمة المقاومة التي وصفها بأنها حمت لبنان منذ عام 2000 وحتى اليوم.
وتساءل: “أين هي الدولة التي يُقال إن السلاح يجب أن يكون بيدها؟ هل هي الدولة التي لا تستطيع تشكيل حكومة دون موافقة الخارج، أم الدولة التي تُدار بمصالح إقليمية متضاربة؟”.
مخاوف من الفراغ الأمني والسياسي
وحذر عبد الساتر من أن كسر المعادلة القائمة قد يؤدي إلى فراغ أمني وسياسي خطير، مشيرًا إلى أن الهدف الأميركي لا ينحصر في إضعاف “حزب الله” وحده، بل في تجريد لبنان ككل من القدرة على الدفاع عن نفسه.
وختم قائلاً: “لا أحد يريد الحرب، لكن في المقابل لا أحد سيقبل بأن يُفرض عليه شكل الدولة أو سقف السيادة من الخارج، سواء عبر العقوبات أو من خلال خطاب يتجاهل دور المقاومة في حماية لبنان”.
في ظل تصاعد الضغوط الدولية، يبدو النقاش حول مستقبل سلاح “حزب الله” مرشحًا للاستمرار، وسط انقسام داخلي حاد بين من يعتبر السلاح ضمانة استراتيجية للبنان، وبين من يراه عقبة أمام بناء دولة مستقرة ذات سيادة كاملة.