أطلقت السلطات الصحية في ويلز تحذيرًا جديدًا بشأن تفشّي طفيلي قاتل يُعرف باسم “الكريبتوسبوريديوم”، وسط مخاوف متزايدة من انتشار العدوى في مزرعة حيوانات أليفة شهدت جلسات تغذية ومداعبة لعجول وحملان.
وكشفت البيانات الأخيرة أن عدد الحالات المصابة ارتفع إلى 74، وهو رقم يفوق التقديرات الأولية التي أشارت إلى 47 إصابة فقط عند إعلان التفشّي أواخر أبريل الماضي.
طفيلي يحاكي أعراض سرطان الأمعاء
ويُعرف الطفيلي، الذي يسبب مرض “داء الكريبتوسبوريديوس“، بأنه يُصيب الجهاز الهضمي للإنسان مُحدثًا أعراضًا مزعجة تشمل تقلصات في المعدة، وغثيان، وقيء، وإسهال، وقد يصاحبها في بعض الحالات وجود دم في البراز.
وقد نقل حتى الآن 16 مصابًا إلى المستشفى، مع توقّعات بمزيد من الحالات خلال الأيام المقبلة.
وتتركز الإصابات في مزرعة “مارلبورو جرانج” بمنطقة كاوبريدج في وادي غلامورغان، حيث يجري مسؤولو الصحة في ويلز تحقيقًا موسّعًا بالتعاون مع متجر المزرعة الذي أوقف مؤقتًا جلسات تغذية الحيوانات والتفاعل معها، في خطوة احترازية للحد من انتشار العدوى.
وقالت هيئة الصحة العامة في ويلز (PHW) إن الأشخاص الذين زاروا المزرعة مؤخرًا، وخاصة أولئك الذين شاركوا في جلسات التفاعل مع الحيوانات، وتمت ملامستهم للأسطح أو البراز الملوث، قد يكونون عرضة للإصابة، ودعت أي شخص يشعر بأعراض مرضية إلى مراجعة طبيبه العام فورًا.
اقرأ أيضًا
فوائد حبوب القهوة الخضراء.. كيف يمكن أن تحسن طاقتك وصحتك؟
البشر وطفيلي الكريبتوسبوريديوم
يُصاب البشر بطفيلي الكريبتوسبوريديوم من خلال التلامس مع البراز الملوث، سواء عبر الحيوانات مباشرة أو عبر أسطح مثل بوابات المزرعة أو الأحذية المتسخة.
كما يُمكن انتقال الطفيلي بين البشر في حال عدم الالتزام بإجراءات النظافة، مثل غسل اليدين جيدًا بعد استخدام الحمام أو تغيير حفاضات الأطفال.
ويُعتبر هذا الطفيلي شديد العدوى، إذ تشير تقديرات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى أن شخصًا مصابًا يمكن أن يُخرج ما يصل إلى 100 مليون جرثومة من الكريبتوسبوريديوم في حركة أمعاء واحدة، بينما يكفي ابتلاع 10 جراثيم فقط لإحداث العدوى.
وفي هذا السياق، صرحت سو مابلي، مستشارة حماية الصحة في PHW، بأن فرق الصحة العامة تعمل جنبًا إلى جنب مع مجلسي صحة كارديف وفال ووادي غلامورغان لفهم التهديدات الصحية المحتملة التي تُواجه السكان.
وأضافت: “رغم أن العدوى غالبًا ما تكون خفيفة وتزول تلقائيًا، إلا أنها قد تُشكّل خطرًا كبيرًا على الفئات الأضعف صحيًا، مثل الأطفال، والمسنين، والحوامل، والأشخاص الذين يُعانون من ضعف المناعة، مثل مرضى السرطان”.
ومن التحديات التي تواجه تشخيص المرض، أن أعراضه غالبًا ما تتشابه مع أمراض هضمية شائعة مثل متلازمة القولون العصبي والتسمم الغذائي، بل إن بعض الأعراض، خاصة وجود دم في البراز وآلام المعدة المزمنة، قد تُشبه أعراض سرطان الأمعاء، مما يُثير القلق لدى المصابين ويُؤخر التشخيص الدقيق.
أعراض الإسهال والقيء
ويُوصى الأشخاص الذين يعانون من أعراض مثل الإسهال والقيء، بالامتناع عن الذهاب إلى العمل أو المدرسة حتى تزول الأعراض نهائيًا لمدة 48 ساعة على الأقل. كما ينبغي عليهم اتخاذ احتياطات خاصة لتفادي نقل العدوى إلى الآخرين، مثل غسل الملابس والمناشف بدرجات حرارة مرتفعة، وعدم إعداد الطعام للآخرين.
وأشار مختصون إلى أن المرض قد يُصيب المصاب بنوبات من التحسّن المؤقت، ما يُعطيه إحساسًا زائفًا بالشفاء، قبل أن تعاوده الأعراض مجددًا. وتستمر المعاناة من داء الكريبتوسبوريديوس لدى أغلب المصابين لمدة أسبوعين، غير أن هذه الفترة قد تطول عند من يُعانون من ضعف المناعة.
ولا يوجد علاج دوائي فعّال لمعظم الحالات، ويُكتفى غالبًا بتوصية المرضى بشرب كميات كافية من السوائل لتفادي الجفاف، مع تقليل الاختلاط بالآخرين إلى حين انتهاء الأعراض.
وقد تُصاب بعض الفئات عن طريق تغيير حفاضات الأطفال المصابين دون غسل اليدين بعدها، أو عبر استهلاك منتجات ملوثة مثل الحليب أو الخضروات التي خُصبت بروث حيوانات مصابة ولم تُغسل جيدًا.
ونظرًا لقدرة الطفيلي على البقاء في البراز لفترة طويلة، يُحظر على المصابين السباحة في أي مصدر مائي، سواء في أحواض السباحة أو المسطحات المائية الطبيعية، إلى أن تمرّ فترة لا تقل عن أسبوعين على توقف الإسهال، منعًا لانتقال العدوى عبر بقايا برازية تُطلق في الماء.
وكانت هيئة الصحة العامة البريطانية قد أصدرت العام الماضي تحذيرًا بشأن العدوى المرتبطة بزيارات المزارع، وقدّمت توعية مبتكرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مستخدمة تحريفًا لأغنية الأطفال الشهيرة بعبارة: “كان لدى ماري حمل صغير، وكان صوفه أبيض كالثلج. لكن اغسلوا أيديكم وجففوها أيضًا في حال وجود الكريبتو”.
وفي مايو الماضي، شهدت مدينة بريكسهام في ديفون تفشيًا مماثلًا للمرض، أصاب أكثر من 100 شخص. ووفق التحقيقات، فإن مصدر العدوى كان على الأرجح مياهًا ملوثة بالبراز دخلت شبكة مياه الشرب، ما أدى إلى تفشٍ واسع للمرض في المنطقة، وعرّض السكان لمعاناة شديدة من الإسهال والتقلصات الحادة، حتى وصف أحد المصابين التجربة بأنها تشبه “آلام الولادة”.