تُجري تايوان حاليًا أكبر مناوراتها العسكرية السنوية “هان كوانج”، وسط أجواء من التوتر المتزايد عبر مضيق تايوان، وتهدف التدريبات، التي تستمر على مدار عشرة أيام، إلى تعزيز جاهزية القوات المسلحة والمدنيين على حد سواء، تحسبًا لأي هجوم صيني محتمل، ويشارك في المناورات 22 ألف جندي احتياط، يتوزعون على مواقع تدريب غير تقليدية تشمل مدارس ابتدائية وصالات رياضية ومراكز ترفيهية، ضمن جهود لإشراك مختلف قطاعات المجتمع في الاستعدادات الدفاعية.

مدرسة تتحول إلى ثكنة: تدريب فوق الفصول الدراسية
شهدت مدرسة “جوشينج” الابتدائية في مقاطعة مياولي مشهدًا لافتًا، حيث تدرب عشرات الجنود الاحتياط على استخدام الأسلحة الرشاشة في الطابق العلوي، في الوقت الذي كان فيه أطفال في سن الخامسة يتعلمون الأرقام والحروف في الطابق السفلي، واستولت الكتيبة 302 للمشاة على المدرسة بشكل مؤقت، مقسمة المساحات لغرض تدريبي، بينما واصلت الروضة نشاطها المعتاد في إحدى الغرف الأرضية.
وفي الممر العلوي، تلقى الجنود تدريبًا على تفكيك وإعادة تجميع رشاش M249، بينما خُصصت صالة الرياضة السفلية لتدريب الرماية الدقيقة.
سرعة الاستجابة والجاهزية القتالية
أوضح العقيد تشنج تزو تشنج، رئيس أركان لواء المشاة 302، أن الهدف الأساسي من المناورات هو الحفاظ على مستوى عالٍ من الكفاءة في استخدام الأسلحة، لضمان عودة فعالية الجنود الاحتياط بسرعة في حال نشوب حرب، وبدأت التدريبات بتمارين أساسية، لتنتقل لاحقًا إلى تدريبات تكتيكية وميدانية متقدمة.
ويتدرب الجنود على أسلحة متنوعة، من بينها بندقية 65K2، ورشاش M249، ورشاش T74، وتشير الحكومة إلى أن جزءًا من الغاية هو اختبار قدرة المدنيين العاديين على التحول السريع إلى الجاهزية العسكرية.
التصدي لتكتيكات “المنطقة الرمادية”
تشمل التدريبات أيضًا سيناريوهات للتصدي لتهديدات “المنطقة الرمادية”، وهي أنشطة تقع بين الحرب والسلام وتهدف لتحقيق أهداف سياسية دون صراع مباشر، مثل الهجمات السيبرانية، والانتهاكات الجوية والبحرية، والتخريب المحتمل للكابلات البحرية التي تُعد شريان الاتصال الرئيسي لتايوان.
كما ستتضمن المناورات هذا العام تمارين للتأهب في البيئة الحضرية، ضمن جهود حكومية لتعزيز المرونة المجتمعية.
استعراض تقني: HIMARS وطائرات بدون طيار
ستعرض تايوان خلال هذه المناورات عددًا من أنظمتها الدفاعية المتقدمة، من بينها صواريخ HIMARS الأمريكية، وصواريخ TOW 2B المضادة للدروع، وطائرات مسيّرة جديدة، بالإضافة إلى النسخة المحلية من صاروخ Sky Sword II، كما تشمل التدريبات لأول مرة سيناريوهات “غير مكتوبة” لاختبار قدرة الجنود على التعامل مع هجمات غير متوقعة.
وسيتم تنبيه المدنيين عبر رسائل على الهواتف المحمولة وصفارات الإنذار في المدن، ضمن محاكاة لحالة الطوارئ.
اقرأ أيضًا
الرئيس البرازيلي يلوّح بالرد على ترامب بعد تهديدات الرسوم الجمركية
تفوق صيني بالأرقام وتحديات أمنية تايوانية
يأتي هذا الاستعراض العسكري في وقت تواجه فيه تايوان تحديًا استراتيجيًا ضخمًا من الصين، التي تعتبر الجزيرة جزءًا من أراضيها، ورغم امتلاك تايوان 180 ألف جندي نظامي و1.67 مليون جندي احتياط، فإن الصين تتفوق عددًا وعتادًا، حيث يضم جيشها أكثر من مليوني جندي نظامي، وما يزيد عن 1.2 مليون جندي احتياط، بالإضافة إلى تفوق ساحق في عدد الطائرات والدبابات والمدفعية.
رد فعل صيني وتصعيد اقتصادي
في المقابل، تتابع بكين هذه التطورات عن كثب، وفي اليوم ذاته، رصدت وزارة الدفاع التايوانية تحليق 31 طائرة عسكرية صينية وسبع سفن بحرية قرب الجزيرة، ووصف المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، جيانج بين، المناورات بأنها “خدعة لا طائل منها”، مؤكدًا أن “إعادة التوحيد الوطني مسار لا يمكن وقفه”.
كما أعلنت الصين فرض قيود تصدير على ثماني شركات تايوانية، تتهمها بالمشاركة في نقل تقنيات ذات استخدام مزدوج.
خلفية رقمية للمناورات
يُشار إلى أن هذه التدريبات الميدانية تأتي بعد أسبوعين من تدريبات محوسبة استخدمت فيها تايوان منصة المحاكاة الأمريكية JTLS، في إطار الاستعدادات المتصاعدة للتعامل مع أي طارئ عسكري محتمل في المنطقة.