أعلنت وزارة الخارجية السويسرية، يوم الأحد، إعادة فتح سفارتها في العاصمة الإيرانية طهران، بعد نحو أسبوعين من الإغلاق المؤقت نتيجة التصعيد العسكري الحاد بين إيران وإسرائيل، والذي كاد أن يتحول إلى نزاع إقليمي واسع النطاق.
وتعد السفارة السويسرية في طهران بمثابة الجهة الراعية للمصالح الأمريكية داخل إيران، في ظل غياب علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين منذ عقود.

عودة السفيرة وفريق العمل عبر أذربيجان
قالت وزارة الخارجية الاتحادية السويسرية، في بيان رسمي، إن “السفيرة نادين أوليفييري لوزانو عادت مع فريق عمل صغير إلى طهران يوم السبت، عن طريق البر من أذربيجان”، مشيرة إلى أن السفارة ستستأنف نشاطها بشكل تدريجي خلال الأيام المقبلة.
وكانت السفارة قد أغلقت أبوابها في 20 يونيو الماضي، وسط تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة، لا سيما بعد دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة بين طهران وتل أبيب.
تفاصيل التصعيد العسكري: ضربات متبادلة وقلق إقليمي
اندلع التصعيد العسكري المباشر بين إيران وإسرائيل ليلة 13 يونيو، حين شنت إسرائيل هجومًا عسكريًا واسعًا على أهداف إيرانية داخل الأراضي الإيرانية، في خطوة وصفت بأنها “العملية الأجرأ منذ استهداف منشأة نطنز”.
وجاء الرد الإيراني سريعًا، حيث أطلقت طهران سلسلة من الصواريخ والطائرات المسيّرة في أقل من 24 ساعة، مستهدفة مواقع عسكرية حساسة داخل إسرائيل، ما دفع الأطراف الإقليمية والدولية إلى التحذير من اندلاع حرب مفتوحة.
الولايات المتحدة تدخل المواجهة
في 22 يونيو، وبعد أكثر من أسبوع من التصعيد بين الطرفين، دخلت الولايات المتحدة مباشرة على خط الاشتباك، حيث شنت قواتها الجوية ضربات دقيقة على ثلاث منشآت نووية إيرانية، ما أثار موجة تنديد إيراني واسع، وقلقًا دوليًا بشأن تداعيات التصعيد على الاتفاق النووي وأمن المنطقة.
وبعد يوم واحد فقط، أي في 23 يونيو، ردّت إيران باستهداف غير مسبوق لـ قاعدة العديد الجوية في قطر، وهي القاعدة الأمريكية الأكبر في الشرق الأوسط، حيث أطلقت طهران صواريخ باليستية بعيدة المدى على القاعدة.
وأكدت السلطات الأمريكية أن الهجوم لم يسفر عن إصابات أو أضرار كبيرة، إلا أن التوتر تصاعد بشكل خطير بعد هذا التطور.
ترامب يعلن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
في خضم هذه الأجواء المشحونة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار شامل بين إيران وإسرائيل، دخل حيز التنفيذ مساء 23 يونيو، وأشاد ترامب في بيان رسمي بالجهود الدولية التي ساهمت في نزع فتيل المواجهة، مشيرًا إلى أن واشنطن ستواصل مراقبة الوضع عن كثب، وستسعى لتثبيت الهدنة عبر “آلية متابعة متعددة الأطراف”.
اقرأ أيضًا
فرنسا تحت النار.. موجة حر تتبعها حرائق ضخمة في عدة مقاطعات
السفارة السويسرية تستأنف دورها الحساس في طهران
بإعادة فتح سفارتها في طهران، تستأنف سويسرا دورها الحساس كوسيط دبلوماسي بين إيران والولايات المتحدة، وهو دور تزايدت أهميته خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع تصاعد التوترات الإقليمية، وانهيار عدد من قنوات الاتصال التقليدية بين طهران وواشنطن.
وقال مراقبون إن عودة البعثة الدبلوماسية السويسرية تشير إلى تراجع نسبي في حالة الطوارئ، لكنها لا تعني انتهاء التوتر، في ظل هشاشة وقف إطلاق النار، واستمرار حالة عدم الثقة بين الأطراف.
خلفية تاريخية: سويسرا تمثل واشنطن منذ عقود
منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة عام 1980، عقب أزمة الرهائن في السفارة الأمريكية، تتولى سويسرا رسميًا تمثيل المصالح الأمريكية في طهران، وتُعتبر بمثابة القناة الخلفية الوحيدة المتاحة بين الحكومتين.
ولعبت السفارة السويسرية أدوارًا مركزية في التوسط للإفراج عن معتقلين، وتبادل الرسائل السياسية، والتعامل مع القضايا الحساسة مثل الملف النووي والتوترات العسكرية.
رغم التوصل إلى هدنة هشة بين إيران وإسرائيل، وعودة النشاط الدبلوماسي تدريجيًا، لا تزال المنطقة تقف على أرضية قابلة للاشتعال في أي لحظة، وتُعد عودة السفيرة السويسرية إلى طهران مؤشرًا على انخفاض فوري في مستوى الخطر، لكنها ليست دليلاً على نهاية الأزمة، في ظل تصاعد التجاذبات الأمريكية الإيرانية، والقلق الدولي من تكرار المواجهة في أي وقت.