رغم مرور أسابيع قليلة فقط على انطلاق الموسم الجديد، بدأ الجدل يشتعل حول هوية برشلونة تحت قيادة المدرب الألماني هانز فليك، وما إذا كان الفريق قد بدأ يفقد ملامحه الفنية المعتادة. ورغم أن الوقت لا يزال مبكرًا لإصدار الأحكام النهائية، إلا أن الأرقام والبيانات الفنية تطرح تساؤلات حقيقية حول أداء النادي الكتالوني هذا الموسم.
فبرشلونة استقبل 12 هدفًا في أول 10 جولات من الدوري الإسباني، رغم أنه لم يواجه حتى الآن سوى خصم واحد من أندية القمة هو ريال مدريد، كما فقد الفريق 8 نقاط في نفس عدد المباريات، وهو معدل غير معتاد لفريق ينافس على اللقب.
خارج ملعبه، خاض برشلونة 6 مباريات تعثر في نصفها، بينما جاءت انتصاراته الثلاثة أمام فرق صاعدة مثل أوفييدو وليفانتي ومايوركا، ما يعكس تذبذبًا واضحًا في المستوى خارج الديار.

ثغرات دفاعية ومؤشرات مقلقة في الأداء
الأرقام تؤكد أن برشلونة من أكثر ثلاثة أندية استقبالا للفرص والتسديدات في الليجا حتى الآن، إذ بلغت الأهداف المتوقعة ضده (Expected Goals) نحو 14.2، ليحتل المركز الخامس بين أكثر الفرق تعرضًا للخطورة الهجومية بعد ليفانتي وأوفييدو وجيرونا وفالنسيا.
في الكلاسيكو أمام ريال مدريد، تلقى الفريق 23 تسديدة، 10 منها على المرمى، بأهداف متوقعة بلغت 3.6. أما أمام باريس سان جيرمان، فاستقبل 16 تسديدة منها 7 مباشرة على المرمى، بمتوسط أهداف متوقعة بلغ 1.7.
كما سمح لليفانتي بتسجيل 3 أهداف من 8 تسديدات فقط، وأمام إشبيلية سُددت عليه 13 كرة، 6 منها على المرمى، بأهداف متوقعة وصلت إلى 3.
هذه الأرقام توضح حجم التراجع الدفاعي الذي يعانيه الفريق، وتؤكد أن فليك مطالب بإيجاد حلول سريعة قبل فقدان المزيد من النقاط.

فليك يقر بالمشكلات ويبحث عن الحدة المفقودة
المدرب هانز فليك نفسه اعترف في أكثر من تصريح بوجود مشكلات واضحة في هوية برشلونة الجديدة، مشيرًا إلى أن الفريق فقد أهم مميزاته من الموسم الماضي، وعلى رأسها الشراسة في الضغط العالي والعكسي.
بعد مباراة جيرونا، قال فليك: “نحن نعلم أننا لم نضغط بنفس الحيوية التي كنا نمتلكها الموسم الماضي، وعلينا تحسين هذا الجانب”.
وبعد لقاء مايوركا، أضاف: “يجب أن يظهر اللاعبون مزيدًا من الشراسة. لم يعجبني شكل الفريق في التعامل مع الخصم عند امتلاكه للكرة”.
كما عبّر بيدري عن قلقه بعد مواجهة رايو فايكانو قائلًا: “علينا أن نعود للعب الجماعي مرة أخرى ونبتعد عن الفردية لنستعيد مستوانا السابق”، هذه التصريحات تكشف عن إدراك فليك واللاعبين لحجم التراجع، لكنها تطرح في الوقت نفسه سؤالًا جوهريًا حول قدرة الفريق على استعادة شخصيته القوية التي ميّزته الموسم الماضي.

هوية برشلونة بين الماضي والحاضر
في الموسم الماضي، تميز برشلونة تحت قيادة فليك بضغط عالٍ شرس طوال 90 دقيقة، مع دفاع متقدم يطبق مصيدة التسلل بفعالية كبيرة، واستحواذ على الكرة بنسبة وصلت إلى 70% في بعض المباريات، مما جعل اللعب يتم أغلب الوقت في نصف ملعب الخصم.
أما هذا الموسم، فقد تراجع الفريق بشدة في هذا الجانب، إذ سجل فقط 47 حالة تسلل ناجحة خلال 10 جولات، مقارنة بـ68 حالة في نفس الفترة من الموسم الماضي.
التراجع الواضح في الانضباط التكتيكي ظهر جليًا في الكلاسيكو الأخير، حين لجأ برشلونة إلى الضغط المتوسط في بعض الفترات بدلًا من الضغط العالي المستمر، وهو ما منح ريال مدريد حرية أكبر في بناء اللعب ونقل الكرة، خاصة في ظل ضعف الضغط من الثلاثي الأمامي (يامال، فيران، راشفورد).
الأخير تحديدًا أظهر سلبيات واضحة في الواجبات الدفاعية، ما جعل مدريد يجد مساحات خطيرة خلف خطوط برشلونة. هذا التراخي انعكس أيضًا على أداء بيدري ودي يونج اللذين اضطرا للدفاع من مناطق متأخرة، مما كشف دفاع الفريق أمام سرعة مبابي وانطلاقاته القاتلة.

مشاهد متكررة ونقاط ضعف واضحة
اللقطة الثانية التي كشفت هشاشة المنظومة الدفاعية جاءت في مباراة جيرونا، حين ترك لاعبو برشلونة المساحات واسعة في التحولات السريعة، إذ تمكن أحد لاعبي جيرونا من استلام الكرة بحرية تامة في وسط الملعب دون ضغط يُذكر، بينما كان بيدري ودي يونج متأخرين في العودة، وظهر راشفورد دون أي التزام في الضغط أو المساندة الدفاعية.
النتيجة كانت هجمة مرتدة نموذجية كشفت دفاع برشلونة بسهولة. مثل هذه الحالات تتكرر في أكثر من مباراة، ما يوضح أن الأزمة ليست فقط في الأفراد، بل في التنظيم والالتزام التكتيكي ككل.

أمل في التحسن واستعادة الهوية
رغم كل هذه التحديات، لا يمكن القول إن برشلونة فقد كل شيء. الفريق ما زال في بداية الموسم، وهناك متسع من الوقت للتحسن خاصة بعد عودة اللاعبين المصابين. ومع ذلك، فإن مرور نحو 14 مباراة دون استعادة الشراسة والحدة المعهودة يثير القلق بين جماهير الفريق.
يبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن هانز فليك من إعادة برشلونة إلى صورته الهجومية المنظمة التي أبهرت الجميع الموسم الماضي، أم أن الأزمة أعمق مما تبدو عليه؟
اقرأ ايضًا…أنطوني جوردون على رادار ليفربول… خطة لمرحلة ما بعد محمد صلاح
