في خطوة وُصفت بأنها انتصار دبلوماسي جديد لمنطقة جنوب شرق آسيا، وقّع رئيس وزراء تايلاند أنوتين تشارنفيراكول، ونظيره الكمبودي هون مانيت، اليوم الأحد، اتفاق سلام شامل يضع حدًا للنزاع المسلح الذي تصاعد خلال الأشهر الماضية بين البلدين، وذلك خلال مراسم رسمية في العاصمة الماليزية كوالالمبور.

وجرى توقيع الاتفاق برعاية مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، اللذين شاركا في التوقيع إلى جانب الزعيمين، تأكيدًا على دعم واشنطن وكوالالمبور للسلام والاستقرار في المنطقة.
بداية مرحلة جديدة
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في كلمة ألقاها قبل مراسم التوقيع، إن ما يشهده العالم اليوم هو ما يمكن وصفه بـ “اتفاقيات كوالالمبور للسلام”، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق لا يمثل نهاية صراع فحسب، بل بداية عهد جديد من التعاون الإقليمي.
وأضاف ترامب:“ما نشهده اليوم هو اتفاقيات كوالالمبور للسلام، وهو اسم مناسب.. فقد اتفق الطرفان على وقف جميع الأعمال العدائية وتعزيز علاقات حسن الجوار التي بدأت بالفعل”.
وأكد أن الاتفاق يشمل إطلاق سراح 18 أسيرًا كمبوديًا، موضحًا أن مراقبين من دول رابطة آسيان، ومن بينها ماليزيا، سيتولون متابعة تنفيذ الاتفاق وضمان استمراره على الأرض.
اقرأ أيضًا
غزة على أعتاب مرحلة جديدة.. إدارة مدنية بدعم مصري وتوافق فلسطيني
نهاية صراع حدودي دام لعقود
ويأتي هذا الاتفاق بعد نزاع حدودي طويل الأمد بين تايلاند وكمبوديا، تفاقم خلال العام الجاري وتحول في 24 يوليو الماضي إلى مواجهات عسكرية مفتوحة شملت تبادلًا للقصف المدفعي والغارات الجوية، وأسفرت عن سقوط ضحايا من الجانبين، بينهم عدد من المدنيين.

وقد تسبب التصعيد العسكري في توتر العلاقات الثنائية وتعطيل حركة التجارة عبر الحدود المشتركة، إلى جانب نزوح مئات العائلات من المناطق المتاخمة بسبب الاشتباكات.
من الهدنة إلى السلام الشامل
وفي 4 أغسطس الماضي، أعلنت الحكومتان التايلاندية والكمبودية وقفًا فوريًا لإطلاق النار، تلاه عقد سلسلة من الاجتماعات الأمنية والإنسانية برعاية ماليزيا والولايات المتحدة، أسفرت عن وضع إطار اتفاقي شامل لتنفيذ التفاهمات الميدانية، وصولًا إلى التوقيع الرسمي اليوم في كوالالمبور.
ويُتوقع أن يشمل الاتفاق خطوات تنفيذية على مراحل، منها:
-
سحب القوات العسكرية من المناطق الحدودية المتنازع عليها.
-
إعادة فتح المعابر الحدودية أمام حركة المدنيين والتجارة.
-
إنشاء لجنة مشتركة دائمة لمتابعة الالتزامات وضمان تطبيق بنود الاتفاق.
أبعاد إقليمية ودولية للاتفاق
ويرى مراقبون أن دور الولايات المتحدة وماليزيا في هذا الاتفاق يعكس تنامي الاهتمام الدولي بالاستقرار في جنوب شرق آسيا، خصوصًا في ظل التوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة وتزايد المنافسة بين القوى الكبرى.
كما اعتبر محللون سياسيون أن “اتفاق كوالالمبور للسلام” يمثل نموذجًا ناجحًا للدبلوماسية متعددة الأطراف، ويؤكد إمكانية حلّ النزاعات المزمنة بالحوار والتفاوض بعيدًا عن التصعيد العسكري.

خطوة نحو سلام دائم
وبحسب مصادر دبلوماسية في القمة، من المقرر أن تبدأ اللجان المشتركة التايلاندية–الكمبودية أعمالها خلال الأسابيع المقبلة، على أن تُقدَّم تقارير دورية إلى قادة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بشأن مدى الالتزام ببنود الاتفاق واستمرار التهدئة.
ويأمل سكان المناطق الحدودية أن يكون هذا الاتفاق نهاية فعلية لعقود من الصراع وبداية لمرحلة من الاستقرار والازدهار الاقتصادي المشترك بين البلدين الجارين.
