أثار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، جدلًا كبيرًا بعد تحذيره من استخدام دواء الباراسيتامول (المعروف تجاريًا باسم “تايلينول” في الولايات المتحدة) أثناء الحمل، معتبرًا أنه قد يكون مرتبطًا بزيادة خطر إصابة الأطفال باضطراب طيف التوحد، وداعيًا النساء الحوامل إلى تجنبه قدر الإمكان.
تصريحات ترامب فتحت باب التساؤلات حول صحة هذا الادعاء ومدى ارتباط الباراسيتامول فعلاً بزيادة حالات التوحد بين الأطفال.

الصحة العالمية تحسم الجدل: لا علاقة مثبتة
في رد مباشر على هذه التصريحات، أكدت منظمة الصحة العالمية أنه لا توجد أدلة علمية قاطعة تربط بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل وحدوث التوحد عند الأطفال، مشيرة إلى أن الدواء لا يزال يُصنّف كخيار آمن للحوامل عند الحاجة وتحت إشراف طبي.
استشاريون مصريون: الدراسات غير حاسمة حتى الآن
أوضح الدكتور خالد أمين، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء واستشاري النساء والتوليد، أن بعض الدراسات الرصدية أشارت إلى وجود ارتباط ضعيف بين الاستخدام المتكرر والمطوّل للباراسيتامول خلال الثلثين الثاني والثالث من الحمل، وبين زيادة طفيفة في احتمالية الإصابة بالتوحد أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
لكنه شدّد على أن تلك الدراسات تعاني من قيود عديدة، منها العوامل الوراثية والبيئية وتناول أدوية مرافقة، مما لا يسمح باعتبارها أدلة سببية.
د. ماهر شمس: لا دواء آمن مطلقًا
من جانبه، أكّد الدكتور ماهر شمس، أستاذ أمراض النساء والتوليد بجامعة المنصورة، أن الباراسيتامول لطالما اعتُبر الدواء الأكثر أمانًا للحوامل، إلا أن ازدياد نسب التوحد في العقود الأخيرة دفع بعض الباحثين إلى التساؤل عن أدوار محتملة لأدوية شائعة، بينها هذا العقار.
وأشار إلى أن التحفظ لا يعني المنع، بل الترشيد في الاستخدام، خاصة خلال الشهور الأولى من الحمل.
تحذيرات من الاستخدام العشوائي للأدوية في الحمل
نبّه الدكتور جمال شعبان، استشاري أمراض القلب وعميد معهد القلب السابق، إلى خطورة الاستخدام العشوائي والمزمن للباراسيتامول ومشتقاته، مشيرًا إلى أنه قد يؤدي إلى مشكلات بالكبد والكلى ورفع خطر الإصابة بالجلطات، وأوضح أن بعض الأبحاث الحديثة استندت إليها هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في دعوة الأطباء للحذر، لكنها لا تزال غير حاسمة وتحتاج إلى أبحاث أكثر دقة.
وأضاف أن الرقابة الطبية في مصر على هذا النوع من الأدوية ضعيفة، حيث يُقبل كثيرون على تناولها دون استشارة مختصين، ما يضاعف من خطر الآثار الجانبية على النساء الحوامل.
الاستخدام بحذر.. وتحت إشراف طبي
على الرغم من الجدل المثار، يتفق الأطباء على أن الباراسيتامول لا يزال الخيار الآمن الأول لتسكين الألم وخفض الحرارة لدى الحوامل، شريطة استخدامه بجرعات محدودة وتحت إشراف طبي.
كما شددوا على أهمية عدم الاعتماد على الدواء بشكل دائم أو مفرط، مع الالتزام بالإرشادات الطبية، خاصة خلال الثلث الأول من الحمل، الذي يُعد فترة حساسة لنمو الجنين.
اقرأ أيضًا:
دراسة أسترالية: جلسة تمرين واحدة قد تساهم في مكافحة سرطان الثدي
الموقف الطبي والعلمي:
-
لا توجد أدلة علمية مؤكدة تربط الباراسيتامول بالتوحد.
-
الدراسات الحالية تُظهر ارتباطًا ضعيفًا لا يرقى لإثبات سببيّة.
-
منظمة الصحة العالمية وهيئات كبرى ما زالت تعتبره آمنًا للحوامل عند الضرورة.
-
الاستخدام المزمن أو العشوائي لأي دواء يظل خطرًا قائمًا على الأم والجنين.