في تصعيد جديد للتوترات الجيوسياسية بين واشنطن وموسكو، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه أمر بنشر غواصتين نوويتين أميركيتين في “مناطق مناسبة”، ردًا على ما وصفه بـ”تصريحات استفزازية للغاية” أدلى بها نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس السابق ديمتري ميدفيديف.
وجاء ذلك في تغريدة نشرها ترامب على منصته الرسمية “تروث سوشيال”، قال فيها: “بناءً على التصريحات الطائشة والمثيرة للفتنة التي أطلقها ديمتري ميدفيديف، أصدرت تعليماتي بنشر غواصتين نوويتين في مواقع استراتيجية تحسّبًا لأي تصعيد محتمل. لا يمكن تجاهل هذا النوع من التصريحات”.

غموض حول تفاصيل التمركز.. وتكتم رسمي من البنتاغون
لم يحدد ترامب نوع الغواصات التي تم نشرها، أو المواقع التي تمركزت فيها، كما لم يصدر أي تعليق رسمي من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) حول طبيعة التحركات، في ظل السياسة المعتادة للجيش الأميركي بالتكتم الشديد على تحركات الأسطول البحري وخاصة الغواصات النووية.
ومع ذلك، أكدت تقارير من شبكة CNN الأميركية أن البحرية الأميركية تمتلك ثلاثة أنواع رئيسية من الغواصات النووية، واحدة منها فقط تحمل رؤوسًا نووية، لكنها تُعد الأشد فتكًا على الإطلاق، وتشكل حجر الزاوية في استراتيجية الردع النووي الأميركية.
غواصات “أوهايو” الباليستية النووية (SSBNs).. ذراع الردع النووي
تمتلك البحرية الأميركية 14 غواصة من طراز “أوهايو” الباليستية، والتي يطلق عليها لقب “بومرز” (Boomers)، وهي غواصات مصممة للتخفي الكامل ولشن ضربات نووية استراتيجية.
قدرات خارقة:
تحمل كل غواصة ما يصل إلى 20 صاروخًا باليستيًا من طراز “ترايدنت” (Trident II D5)
الصواريخ مزودة برؤوس نووية متعددة قادرة على ضرب أهداف مختلفة في وقت واحد
مدى الصاروخ يبلغ حوالي 7400 كيلومتر، مما يتيح لها شن هجمات من مواقع بعيدة مثل المحيط الأطلسي أو الهادئ أو حتى من القطب الشمالي
قدرة عالية على النجاة من الضربة الأولى بفضل خصائص التخفي المتقدمة
تعتبر غواصات “أوهايو” أكثر أنظمة الردع النووي تطورًا وسرية في العالم، وغالبًا ما يُشار إليها كـ”اليد الخفية” للولايات المتحدة في أي صراع محتمل.
غواصات الصواريخ الموجهة (SSGNs).. القوة الصامتة للهجوم السريع
أعادت وزارة الدفاع الأميركية، خلال التسعينيات، تحويل 4 غواصات من طراز “أوهايو” إلى غواصات هجومية بصواريخ موجهة بدلاً من الصواريخ النووية.
أبرز خصائصها:
قادرة على حمل 154 صاروخ “توماهوك” بعيد المدى
صواريخ برؤوس شديدة الانفجار تصل زنتها إلى 1000 رطل
مدى صواريخ توماهوك يقارب 1600 كيلومتر
مزوّدة بحجرات خاصة لإنزال القوات الخاصة سرًا في مناطق حساسة أو خلف خطوط العدو
تُستخدم هذه الغواصات في مهام متعددة، من الضربات الدقيقة ضد أهداف استراتيجية، إلى تنفيذ عمليات استخباراتية وعمليات خاصة سرية.
الغواصات الهجومية السريعة (SSNs).. العمود الفقري للأسطول الأميركي
تشكل الغواصات الهجومية الجزء الأكبر من الأسطول البحري الأميركي، وهي مصممة لتعقب وتدمير الغواصات والسفن المعادية، إضافة إلى تنفيذ هجمات برية دقيقة.
الطرازات المتوفرة:
غواصات “فرجينيا” (Virginia-class) – الأحدث في الخدمة
طولها: من 115 إلى 140 مترًا
إزاحتها: 10,200 طن
الطاقم: 145 فردًا
مزودة بصواريخ توماهوك وطوربيدات ثقيلة
اقرأ أيضًا:
“أحفر قبري بيدي”.. أسير إسرائيلي في غزة يوجه نداءً لشعبه ورسالة شديدة اللهجة لنتنياهو
غواصات “لوس أنجلوس” (Los Angeles-class) – الأقدم لكنها ما زالت نشطة
الطول: 109 أمتار
الإزاحة: 6900 طن
الطاقم: 143 فردًا
متعددة المهام ومنتشرة في أغلب نقاط التوتر حول العالم
غواصات “سي وولف” (Seawolf-class) – الأكثر تخصصًا والأغلى تكلفة
عددها: 3 غواصات فقط
الطول: 107-137 مترًا
الإزاحة: حتى 9100 طن
تتميز بقدرات فائقة في التخفي والمناورة ونقل أنظمة سرية متقدمة
من بينها، تبرز غواصة “USS Jimmy Carter”، والتي صُممت خصيصًا للأبحاث والعمليات الخاصة، وتعتبر واحدة من أكثر الغواصات سرية في العالم.
غواصات الردع النووي.. ورقة الضغط الأقوى في يد واشنطن
بحسب الخبراء، فإن نشر الغواصات النووية الأميركية في مناطق متقدمة يُعد رسالة ردع مباشرة لأي تصعيد محتمل من قبل روسيا أو غيرها من القوى الكبرى. وفي حال كانت الغواصات التي أمر ترامب بنشرها من طراز “أوهايو”، فهذا يعني أن واشنطن فعّلت أخطر أدواتها الاستراتيجية في الردع النووي.

في ظل التصعيد المتواصل بين موسكو وواشنطن، يُعيد قرار ترامب بنشر غواصتين نوويتين إلى الواجهة الرهان الأميركي على قوة الغواصات كأداة ردع استراتيجية. وبين التكتم على مواقعها وتنوع قدراتها، يبقى الرسالة الأساسية واضحة: أميركا مستعدة لأي سيناريو نووي محتمل.
قد ترغب بقراءة..
ترامب: بوتين بارع في التحايل على العقوبات وسنرد بإجراءات جديدة