بعد 108 سنوات من وعد بلفور، وفي تحول دبلوماسي لافت، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الثلاثاء، أن بريطانيا ستعترف رسميًا بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل إذا لم تقدم إسرائيل خطوات جوهرية لإنهاء “الوضع المروع” في قطاع غزة، بما يشمل الموافقة على وقف إطلاق النار ووقف أي خطط لضم الأراضي الفلسطينية.
خطة بريطانية لسلام دائم
وأكد ستارمر أن خطوة الاعتراف ليست مجرد موقف سياسي بل جزء من خطة شاملة للسلام في الشرق الأوسط تهدف إلى:

- الحفاظ على حل الدولتين في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية.
- التصدي لخطط الحكومة اليمينية في تل أبيب التي تلوّح بضم الضفة الغربية وقطاع غزة.
- تقديم بديل سلمي للفلسطينيين والإسرائيليين في مواجهة استمرار الصراع.
- تهدئة الشارع البريطاني الغاضب من تداعيات الحرب على غزة.
وأضاف ستارمر أن بلاده، بالتعاون مع شركائها الدوليين، تعمل على وضع خطة انتقالية للحكم والأمن في غزة، تضمن دخول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، مع انسحاب القوات الإسرائيلية وإبعاد قيادة حماس عن القطاع كخطوات أساسية نحو حل تفاوضي قائم على حل الدولتين.
بريطانيا وفرنسا تمهدان لاعتراف أوروبي شامل بفلسطين
الخطوة البريطانية تأتي متزامنة مع قرار فرنسي مماثل، ويتوقع دبلوماسيون فلسطينيون أن تلحق بها إيطاليا قريبًا، بينما تستبعد ألمانيا الانضمام لهذه الموجة، ويرى مراقبون أن هذه التحركات قد تفتح الباب أمام موجة اعترافات أوروبية تعزز الضغط على إسرائيل للقبول بخارطة طريق سياسية جديدة.
هل تصلح لندن خطأ وعد بلفور؟
يثير القرار المرتقب جدلاً واسعًا حول ما إذا كانت لندن تحاول تصحيح “خطأ تاريخي” ارتكبته قبل 108 سنوات عندما أصدرت “وعد بلفور” عام 1917.
فالوعد، الذي جاء على شكل رسالة من وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور إلى اللورد روتشيلد، تعهد بدعم إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، دون أي اعتبار للحقوق السياسية للسكان الفلسطينيين، ما اعتبره الفلسطينيون بداية نكبتهم وسببًا مباشرًا لتهجير نحو 750 ألف فلسطيني عام 1948.

الموقف الإسرائيلي: “مكافأة لحماس”
ردّت وزارة الخارجية الإسرائيلية بانتقاد شديد لقرار ستارمر، معتبرة أن “تحول موقف الحكومة البريطانية في هذا الوقت، بعد المسار الفرنسي والضغوط السياسية الداخلية، يمثل مكافأة لحماس ويضر بجهود التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة”.
وأكدت تل أبيب أنها ترفض الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية، وتراه “خطوة تضعف فرص أي مفاوضات مستقبلية”.
اقرأ أيضًا:
بريطانيا تهدد بالاعتراف بدولة فلسطين.. وقلق إسرائيلي متزايد بعد موقف باريس ولندن
تحوّل تاريخي في السياسة الخارجية البريطانية
إذا مضت لندن في تنفيذ هذا الاعتراف قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، فسيكون ذلك أحد أكبر التحولات في السياسة الخارجية البريطانية منذ عقود بداية من وعد بلفور، خصوصًا أنه يأتي في وقت تواجه فيه إسرائيل انتقادات دولية متزايدة بسبب توسع المستوطنات ورفضها لمبادرات حل الدولتين، وهو ما يعتبره الاتحاد الأوروبي انتهاكًا للقانون الدولي.
يبقى السؤال: هل سيكون اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين خطوة لتصحيح مسار تاريخي بدأ بـ”وعد بلفور”، أم مجرد ورقة ضغط دبلوماسية لإعادة إسرائيل إلى طاولة المفاوضات؟، القرار، إذا اتُّخذ، قد يعيد تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط ويفتح بابًا جديدًا أمام حل الدولتين بعد سنوات من الجمود والصراع.