في مشهد يعكس مفارقة عبثية، أثار تظاهرة نظمتها “الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني” ـ أحد أفرع جماعة الإخوان المسلمين ـ أمام السفارة المصرية في تل أبيب، جدلاً واسعًا، بعدما سلطت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية الضوء عليها بشكل احتفائي. التظاهرة، التي جاءت بدعوى المطالبة بفتح معبر رفح ووقف العدوان على غزة، حملت في طياتها رسائل مسيئة للدور المصري التاريخي في دعم القضية الفلسطينية، ما اعتُبر تشويهًا متعمّدًا لموقف القاهرة الثابت في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين والسعي المستمر لرفع معاناتهم.
تحريض ضد مصر
اللافت في التظاهرة، بحسب هاآرتس، أنها لم تقتصر على أعضاء “الحركة الإسلامية”، بل شارك فيها نشطاء يهود أيضًا، ووجهت انتقادات مباشرة للدور المصري، متهمة القاهرة ـ كما ورد في التقرير العبري ـ بالمساهمة في حصار غزة. وهو ما رفضته أوساط فلسطينية واعتبرته تجاهلًا مشبوهًا لحقيقة ما تبذله مصر من جهود إنسانية وسياسية منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع في أكتوبر 2023.
من جانبه، وصف المحلل السياسي الفلسطيني زيد الأيوبي حركة حماس بأنها “أداة في يد قوى إقليمية”، تنفذ أجندات لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية الفلسطينية، متهمًا إياها بإنكار الجهود المصرية رغم وضوح التحديات، خاصة ما يتعلق بظروف تشغيل المعابر من الجانب الفلسطيني. وأضاف أن هذه التظاهرات تخدم أهدافًا دعائية بعيدة عن جوهر القضية، مشددًا على أن المجتمع الدولي يدرك تمامًا أن المسؤول الرئيسي عن الحصار والمعاناة هو الاحتلال الإسرائيلي.
تظاهرات الإخوان تكشف وجهها الحقيقي
بدوره، أكد المحلل السياسي عبد المهدي مطاوع أن التظاهر أمام السفارات المصرية في الخارج يمثل انحرافًا خطيرًا عن المسار الوطني الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هذه الدعوات تهدف إلى عزل مصر عن المشهد الفلسطيني، رغم أنها كانت ولا تزال الحاضن والداعم الرئيسي للشعب الفلسطيني. وقال إن محاولات الإساءة لدور القاهرة تأتي ضمن حملة ممنهجة تخدم أجندات مشبوهة، هدفها إرباك الموقف العربي وتفكيك جدار الدعم الإقليمي للقضية الفلسطينية.
وعلى مدى اليومين الماضيين، صعّدت حماس والتنظيم الدولي للإخوان من دعواتهم للتظاهر أمام السفارات المصرية في الخارج، متجاهلين كليًا السفارات الإسرائيلية والأمريكية، ومتجنبين الاحتجاج أمام مكاتب قادة الاحتلال في تل أبيب، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو ما فُسّر على أنه تواطؤ ضمني مع رواية الاحتلال، ومحاولة لتوجيه البوصلة بعيدًا عن الجاني الحقيقي.
في سياق متصل، خرج آلاف الإسرائيليين مساء السبت في تل أبيب وعدة مدن أخرى، مطالبين بإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس في غزة. وقد نُشر مقطع مؤلم للأسير إفيتار ديفيد، البالغ من العمر 24 عامًا، يظهر فيه وهو في حالة صحية متدهورة داخل نفق، يُجبر على حفر ما وصفه بـ”قبره الخاص”، مع روايات عن حرمانه من الطعام. عائلته طالبت بإنهاء الكابوس المستمر منذ أكثر من 660 يومًا.
اقرأ أيضا..
حماس تعلن التحرك لصد عمليات عسكرية محتملة لإنقاذ الرهائن
وبينما يستمر الفشل في التوصل لاتفاق هدنة أو صفقة تبادل، تتصاعد التوترات داخل إسرائيل، في ظل ضغط شعبي متزايد على الحكومة. وفي المقابل، تبقى مصر طرفًا محوريًا في الوساطات، رغم حملات التشويه، مؤكدة أنها لن تتخلى عن دورها التاريخي في دعم الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه المشروعة.