لا تزال كارثة تحطم الطائرة الهندية في مدينة أحمد آباد، التي وقعت في 12 يونيو الماضي وأودت بحياة 241 شخصًا، تثير الجدل وتكشف يومًا بعد آخر عن تفاصيل صادمة. فبينما يواصل مكتب تحقيقات الحوادث الجوية في الهند جمع الأدلة، أظهرت التسجيلات الأولية من الصندوقين الأسودين أن ما جرى في قمرة القيادة قد يكون مفتاح حل لغز فقدان الطائرة قدرتها على التحليق بعد ثوانٍ فقط من الإقلاع.
هذه التطورات تطرح تساؤلات جوهرية حول دور القائد ومساعده، واحتمال وجود خطأ بشري أو تصرف غير متوقع أدى إلى الكارثة.

وقائع غريبة قبل كارثة تحطم الطائرة الهندية
وفق ما نقلته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية عن مصدرين غربيين مطلعين على تسجيلات الصندوقين الأسودين، قام قائد الطائرة الهندية سميت ساباروال بخطوة غير مألوفة، إذ سلّم قيادة الطائرة إلى مساعده كلايف كندر قبل الإقلاع مباشرة، قائلاً له جملة غامضة: “الطائرة بين يديك”.
خبراء الطيران الذين اطلعوا على التقرير الأولي اعتبروا هذا التصرف غير معتاد، خاصة وأن مرحلة الإقلاع تعد من أخطر المراحل التي تتطلب إشراف القائد بشكل مباشر. وتشير التحقيقات إلى أن كندر كان يقود الطائرة فعليًا لحظة وقوع الحادث.
30 ثانية فقط قبل السقوط
بعد مغادرتها المدرج، لم تبق الطائرة في الجو سوى 30 ثانية تقريبًا قبل أن تفقد طاقتها فجأة، وتهبط بشكل مميت على منطقة سكنية مكتظة، ما أدى إلى مقتل جميع من كانوا على متنها باستثناء ناجٍ واحد، ووفاة 19 شخصًا على الأرض.
تقرير أولي كشف أن مفاتيح الوقود أُغلقت بعد لحظات من الإقلاع، ما حرم المحركات من الوقود وأدى لتوقفها. وفي التسجيلات، سُمع مساعد الطيار يسأل القائد بقلق: “لماذا أطفأت المحركات؟”، ليرد القائد برد مقتضب وغامض: “لم أفعل ذلك”.
مفاتيح الوقود وآلية الأمان
ما يزيد من غموض الحادث أن مفاتيح الوقود في الطائرة مجهزة بآلية أمان تمنع تغيير وضعيتها بسهولة، حيث يجب رفع المفتاح يدويًا قبل تحويله من “تشغيل” إلى “إيقاف”، ما يجعل من المستبعد إغلاقها عن طريق الخطأ.
وعلى الرغم من أن المفاتيح أُعيدت إلى وضع التشغيل لاحقًا، وحاولت الطائرة إعادة تشغيل محركاتها تلقائيًا، إلا أن المحركات لم تستعد الطاقة في الوقت المناسب، ليحدث الارتطام المروع.
جدل حول المسؤولية والتحقيقات الجارية
تشير مصادر مطلعة لوكالة “رويترز” إلى أن الأدلة الأولية تميل إلى تحميل القائد مسؤولية إيقاف تدفق الوقود، سواء عمدًا أو نتيجة خطأ غير مبرر.
في المقابل، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن طيارين أميركيين مطلعين على التقرير أن مساعد الطيار كان منشغلًا بسحب أدوات التحكم أثناء الإقلاع، بينما كانت يد القبطان أكثر حرية، ما يثير فرضية أنه هو من تلاعب بالمفاتيح.
حتى الآن، لم يُنشر النص الكامل للتسجيلات، فيما لا يزال التحقيق مفتوحًا على جميع الاحتمالات، بما في ذلك الخطأ البشري، أو العطل الفني، أو حتى الفعل المتعمد المسؤول عن وقوع الطائرة الهندية.
اقرأ أيضًا:
أزمة السويداء.. أكثر من 600 قتيل ونزوح جماعي وسط أزمة إنسانية متفاقمة بسوريا
انعكاسات أوسع على قطاع الطيران
كارثة الطائرة الهندية المنكوبة في أحمد آباد ليست مجرد حادث عرضي، بل تثير قلقًا عالميًا حول إجراءات السلامة والتدريب في شركات الطيران، وخاصة ما يتعلق بممارسات تسليم القيادة بين الطيارين خلال المراحل الحرجة.
كما أن إغلاق مفاتيح الوقود في لحظة حرجة يفتح الباب أمام إعادة تقييم تصميم آليات الأمان في الطائرات الحديثة، وضرورة وضع بروتوكولات تمنع حدوث مثل هذه الأخطاء القاتلة.
مع وفاة مئات الأشخاص وتعدد الروايات حول ما حدث في الدقائق الأخيرة للطائرة، تبقى كارثة أحمد آباد واحدة من أكثر حوادث الطيران غموضًا في العقد الأخير.
ومن المتوقع صدور التقرير النهائي حول تحطم الطائرة الهندية خلال عام، لكن المؤشرات الحالية تشير إلى أن نتائجه قد تحمل تداعيات كبيرة على قطاع الطيران العالمي، سواء عبر تشديد بروتوكولات السلامة أو مراجعة شاملة لتدريب الطيارين وآليات الطائرات.
حوادث الطيران الكبرى في الهند
شهدت الهند عبر العقود عدداً من أكثر حوادث الطيران دموية في آسيا، ما جعل مسألة السلامة الجوية محوراً دائماً للنقاش.
في عام 1996، وقع أسوأ حادث في تاريخ الطيران الهندي عندما اصطدمت طائرة تابعة لـ”طيران السعودية” مع طائرة شحن كازاخية فوق مدينة تشركي دادري، ما أسفر عن 349 قتيلاً.
وفي عام 2010، تحطمت طائرة تابعة لشركة “إير إنديا إكسبريس” في مدينة مانغالور بعد انحرافها عن المدرج، ما أدى إلى مقتل 158 شخصاً.
كما شهدت السنوات الأخيرة سلسلة من الحوادث التقنية والاضطرابات الجوية، أبرزها حادث مطار كاليكوت (2020) الذي أودى بحياة 21 شخصاً.
هذه الحوادث المتكررة جعلت سلطات الطيران الهندية تواجه ضغوطاً دولية متزايدة لتحسين معايير السلامة وتدريب الطيارين، وهي ضغوط ستتضاعف بعد كارثة أحمد آباد.