أعلن باحثنون من جامعة أكسفورد تحقيق النقل الآني، ووفقًا لما تم الإعلان عنه وتداولته الصحف العالمية، يزعم العلماء أنهم حققوا اختراقًا هائلاً في النقل الآني من خلال نقل البيانات بين أجهزة الكمبيوتر الكمومية.
والنقل الآني (Quantum Teleportation) هو ظاهرة في ميكانيكا الكم تتيح نقل حالة كمومية من جسيم إلى آخر عن بُعد، دون الحاجة إلى نقل المادة نفسها. يعتمد هذا المفهوم على التشابك الكمومي (Quantum Entanglement)، حيث يتم ربط جسيمين بحيث تصبح حالتهما متشابكة بغض النظر عن المسافة بينهما.
«تحقيق النقل الآني» في جامعة أكسفورد
نجح باحثون في جامعة أكسفورد في نقل بوابات منطقية – المكونات الأساسية لخوارزمية الكمبيوتر – بين معالجين كميين يفصل بينهما أكثر من ستة أقدام. ووفقًا للتقارير، تم الاختراق العلمي باستخدام جزيئات الضوء (أو الفوتونات)، حيث تمكن العلماء من تكوين رابط كمي مشترك بين الجهازين المنفصلين.

سمح هذا لمعالجين بالعمل عن بعد، ومشاركة نفس الخوارزمية لإكمال مهام الحوسبة الخاصة بهما. وقد يحل هذا الاختراق “مشكلة قابلية التوسع” التي ابتليت بها عملية بناء أجهزة الكمبيوتر الكمومية القابلة للاستخدام.
ومع ذلك، في الوقت الحالي، يجب أن يكون الكمبيوتر الواحد القادر على معالجة ملايين البتات الكمومية ضخم الحجم – مما يجعل من المستحيل على معظم الناس امتلاكها. وتحل البتات الكمومية (أو البتات الكمومية) محل البتات التقليدية للكمبيوتر القياسي.
,يغير الاختراق الجديد كل ذلك، حيث يسمح للعلماء بنقل البيانات بين سلسلة من الأجهزة الأصغر – بدلاً من بناء جهاز ضخم واحد. ويوضح الفريق أن أي جهاز كمي قوي بما يكفي ليكون ابتكارًا يغير قواعد اللعبة في علوم الكمبيوتر يجب أن يكون قادرًا على معالجة ملايين البتات الكمومية.
وبينما تخزن البتات التقليدية وتنقل البيانات في شكل أصفار وواحدات، تستخدم البتات الكمومية الفيزياء الكمومية لتوجد في كلتا الحالتين في نفس الوقت. وهذا هو السبب في أن الأجهزة الكمومية قد تحدث ثورة في صناعة الكمبيوتر يومًا ما، حيث يمكنها زيادة سرعة معالجة الكمبيوتر بشكل كبير.
وهذه ليست المرة الأولى التي ينجح فيها العلماء في تحقيق النقل الآني الكمي.
إعلانات سابقة عن تحقيق النقل الآني
أثبتت فرق دولية سابقة كيف يمكن للنقل الآني نقل البيانات من مكان إلى آخر دون تحريك البتات الكمومية. وفي أواخر عام 2023، تمكن العلماء حتى من نقل صورة باستخدام الضوء – دون إرسال الصورة نفسها فعليًا.
ومع ذلك، يقول فريق أكسفورد إن هذه هي أول حالة من حالات نقل البوابات الكمومية (المكونات الأساسية للمستوى الأساسي للخوارزميات) عبر مسافات طويلة.
وعلى عكس البوابة المنطقية التقليدية، التي تتلاعب بالمعلومات من البتات العادية التي تحمل الأصفار والواحدات، تعمل البوابات الكمومية على أساس البيانات القادمة من البتات الكمومية.
وتسمح البوابات الكمومية لأجهزة الكمبيوتر الكمومية بإجراء حساباتها بالتوازي، وذلك بفضل التراكب – القدرة على وجود البتات الكمومية كصفر أو واحد في نفس الوقت.
وهذا ما يجعل الحوسبة الكمومية قوية للغاية لمهام معينة، مثل التشفير والتحسين والبحث في مجموعات البيانات الكبيرة. وصرح المؤلف والمشرف على الدراسة دوجال ماين من أكسفورد: “ركزت العروض التوضيحية السابقة للنقل الآني الكمومي على نقل الحالات الكمومية بين أنظمة منفصلة فعليًا. في دراستنا، نستخدم النقل الآني الكمومي لإنشاء تفاعلات بين هذه الأنظمة البعيدة”.
ويضيف ماين أن هذا الاختراق قد يضع الأساس لـ “إنترنت الكم”، حيث تشكل المعالجات البعيدة شبكة فائقة الأمان للاتصال ومعالجة البيانات والتي ستكون آمنة تمامًا من الاختراق.
ويشرح ماين: “من خلال تصميم هذه التفاعلات بعناية، يمكننا إجراء بوابات كمية منطقية – العمليات الأساسية للحوسبة الكمومية – بين البتات الكمومية الموجودة في أجهزة كمبيوتر كمومية منفصلة. يتيح لنا هذا الاختراق ربط معالجات كمية متميزة بشكل فعال في جهاز كمبيوتر كمومي واحد متصل بالكامل”.
العرض التوضيحي الأول من نوعه
بعد إنشاء رابط بين الأجهزة، نفذ الفريق خوارزمية بحث جروفر، وهي خوارزمية كمية معروفة تستخدم للبحث في قواعد البيانات غير المفرزة بشكل أسرع بكثير من الطرق القياسية.
وفي هذا العرض التوضيحي – الأول من نوعه باستخدام هذا النوع من النظام الكمومي – حققت الخوارزمية معدل نجاح بنسبة 71 بالمائة.
وتسلط النتائج الضوء على إمكانية عمل أنظمة الحوسبة الكمومية ككيان واحد حتى عندما تكون مكوناتها منفصلة فعليًا – وهو شرط للإنترنت الكمومي. كما يعمل العلماء في الولايات المتحدة بحماس على إيجاد طريقة لجعل الإنترنت الكمومي حقيقة واقعة.
وفي عام 2024، تمكن فريق في جامعة هارفارد من جعل وحدات البت الكمومي تتقاسم “تشابكها” الكمومي بين مواقع بعيدة. والتشابك هو الظاهرة التي تظل فيها جسيمان، مثل زوج من الفوتونات (جسيمات الضوء)، مرتبطين بشكل معقد حتى عندما تفصل بينهما مسافات كبيرة.
وهذا يسمح لهما بمشاركة المعلومات دون الحاجة إلى السفر جسديًا.
وفي هذه الدراسة التي نشرت في مجلة Nature، استخدم باحثو أكسفورد وحدتين كموميتين منفصلتين، تحتوي كل منهما على كيوبتات أيونية محاصرة. وتم تقسيم هذه الكيوبتات إلى فئتين: كيوبتات الشبكة (التي تتعامل مع الاتصالات) وكيوبتات الدائرة (المسؤولة عن حسابات الكمبيوتر).
وكان الابتكار الرئيسي هو ربط الوحدات من خلال الفوتونات، مما أدى إلى إنشاء حالة كمية مشتركة بين النظامين. باستخدام النقل الآني للبوابة الكمومية، تمكن الفريق من تنفيذ العمليات عن بعد، مما يضمن عمل الوحدتين كمعالج كمي واحد.
ببساطة، ساعد النقل الآني في ربط أجهزة كمية متعددة أصغر معًا من أجل إنتاج قوة معالجة لجهاز كمبيوتر أكبر بكثير. ومن المهم أن يقول البروفيسور ديفيد لوكاس إن بناء كمبيوتر كمي قابل للتطوير باستخدام تقنية اليوم أمر ممكن بفضل النقل الآني.
ويقول الباحث الرئيسي للمشروع: “تثبت تجربتنا أن معالجة المعلومات الكمية الموزعة عبر الشبكة ممكنة باستخدام التكنولوجيا الحالية. لا يزال توسيع نطاق أجهزة الكمبيوتر الكمومية يشكل تحديًا تقنيًا هائلاً من المرجح أن يتطلب رؤى فيزيائية جديدة بالإضافة إلى جهد هندسي مكثف على مدى السنوات القادمة”.
وعلى الرغم من وعده، فإن اختراق النقل الآني لا يزال عملاً قيد التنفيذ. وتكشف الدراسة أن العلماء نقلوا بوابة كمية بين وحدتين منفصلتين بمعدل دقة 86 بالمائة. في حين أن هذا لا يزال معدلًا مثيرًا للإعجاب، إلا أنه أقل من عتبة التسامح مع الأخطاء المطلوبة للحوسبة الكمومية العملية.
وسيحتاج العلماء إلى تحسين هذه النتيجة إلى أكثر من 99 بالمائة قبل أن تصبح تكنولوجيا الكم موثوقة في بيئة العالم الحقيقي. وفقًا لما نقلته صحيفة ديلي ميل البريطانية.