قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، إن العديد من حلفاء الولايات المتحدة رحّبوا بفكرة المشاركة في عملية عسكرية ضد حركة حماس في قطاع غزة، لكنه أكد أنه لا يرى حاجة إلى ذلك في الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن هناك “أملًا في أن تختار حماس الطريق الصحيح”.
وكتب ترامب على منصته الخاصة (تروث سوشيال): “قلت لهذه الدول، وإسرائيل، ليس بعد… لا يزال هناك أمل في أن تفعل حماس الصواب. وإن لم تفعل، فستكون نهاية حماس سريعة وقاسية! أود أن أشكر جميع الدول التي اتصلت للمساعدة”.

تصريحات ترامب جاءت في وقت تشهد فيه إسرائيل حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا تمثّل في زيارتين غير مسبوقتين من كل من نائب الرئيس الأمريكي جي. دي. فانس ورئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، في خطوة تعكس تصعيد الجهود السياسية والأمنية لتنفيذ اتفاق غزة بعد تثبيت وقف إطلاق النار.
أول زيارة لرئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل في منصبه
أكدت هيئة البث الإسرائيلية أن اللواء حسن رشاد، رئيس المخابرات العامة المصرية، وصل إلى إسرائيل صباح الثلاثاء، قبل وقت قصير من وصول نائب الرئيس الأمريكي.
وأوضحت الهيئة أن الزيارة تُعد الأولى من نوعها لرئيس المخابرات المصرية في منصبه الحالي، وتأتي في إطار متابعة تنفيذ المراحل اللاحقة من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وأضافت الهيئة أن رشاد اجتمع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من كبار المسؤولين الأمنيين، بينهم رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الجديد ديفيد زيني، في أول لقاء رسمي يجمع زيني بمسؤول أجنبي منذ توليه المنصب.

وقال بيان صادر عن مكتب نتنياهو إن الاجتماع “تناول سبل المضي قدمًا في خطة الرئيس ترامب الخاصة بغزة، وتعزيز العلاقات الإسرائيلية–المصرية، وبحث ملفات التعاون الأمني وقضايا إقليمية متعددة”.
مصر تلعب دورًا محوريًا في تثبيت الهدنة وتنفيذ خطة غزة
ووفقًا لهيئة البث الإسرائيلية، فإن مصر أصبحت عاملًا محوريًا في جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، مشيرة إلى أنها قادت الوساطة التي أفضت إلى إطلاق سراح عدد من الرهائن الإسرائيليين من قبضة الحركة.
كما ذكرت أن القاهرة استضافت الأسبوع الماضي مؤتمرًا دوليًا في شرم الشيخ بمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خُصص لمناقشة الخطوات التالية في تنفيذ اتفاق غزة، والذي يشمل:
تشكيل قوة دولية أجنبية للإشراف على الأمن في القطاع.
نزع سلاح حركة حماس وتفكيك بنيتها العسكرية.
تقديم المساعدات الإنسانية بشكل منظم.
بدء مرحلة إعادة الإعمار تحت إشراف دولي مباشر.
وأكدت مصادر دبلوماسية أن رئيس المخابرات المصرية ناقش خلال لقائه المسؤولين الإسرائيليين آليات التنسيق الأمني والاستخباراتي مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، لضمان تنفيذ المراحل المقبلة من الاتفاق دون تصعيد عسكري جديد.

زيارة فانس: رسالة أمريكية واضحة لإسرائيل
بالتزامن مع زيارة اللواء رشاد، وصل نائب الرئيس الأمريكي جي. دي. فانس إلى إسرائيل في أول زيارة رسمية له منذ توليه منصبه.
وقالت وسائل إعلام عبرية إن زيارة فانس تهدف إلى الإشراف على تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة، والتأكيد على التزام واشنطن بمسار التسوية وعدم العودة إلى المواجهة.
وأشارت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن زيارة فانس تأتي “في إطار تحرك منسق مع مبعوثي الرئيس ترامب، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، لتسريع بدء عمل القوة الدولية في غزة”.
وأضافت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية ترى في هذه الزيارة إشارة سياسية قوية إلى أن “الولايات المتحدة تدير المشهد بكامل قوتها” وتمنع أي محاولة إسرائيلية لاستئناف العمليات العسكرية الواسعة في القطاع.

تصريحات ترامب تمهد لتحول في الموقف الأمريكي
يرى مراقبون أن تصريحات ترامب، التي تحدث فيها عن إمكانية “نهاية سريعة وقاسية لحماس” إذا لم تلتزم بالاتفاق، تعكس توازنًا دقيقًا في الموقف الأمريكي بين التهديد العسكري والتمسك بالحل السياسي، إذ تسعى واشنطن، بحسب المحللين، إلى إبقاء الضغط على حماس من جهة، ومنع إسرائيل من كسر الهدنة من جهة أخرى، حفاظًا على الاستقرار الإقليمي ومصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
اقرأ أيضًا:
بعد التصعيد الأخير بـ غزة| وفد من حماس في القاهرة ومبعوثا ترامب في إسرائيل لبحث مستقبل القطاع
مصر وأمريكا في قلب معادلة غزة الجديدة
وبحسب مراقبين إسرائيليين، فإن التحركات المتزامنة لكل من القاهرة وواشنطن تشير إلى تفاهم استراتيجي جديد حول مستقبل غزة.
فمصر تواصل دورها كـ”ضامن أمني وسياسي” للاتفاق، بينما تتولى الولايات المتحدة القيادة الميدانية للدعم اللوجستي والاستخباراتي من خلال القوة الدولية المرتقبة.
وتشير التقديرات إلى أن المرحلة المقبلة من الاتفاق ستشهد:
بدء إزالة الأنفاق العسكرية في رفح ومناطق الجنوب.
نشر وحدات مراقبة دولية على الحدود والمعابر.
تنفيذ مشاريع إعادة إعمار بإشراف مشترك بين مصر والأمم المتحدة والولايات المتحدة.

ملامح مرحلة جديدة في غزة
تجمع المؤشرات الحالية على أن اتفاق غزة يدخل مرحلة حاسمة، حيث تتقاطع الجهود المصرية والأمريكية لضمان استمرار الهدنة ومنع تجدد الحرب.
وفي الوقت نفسه، تبقى تصريحات ترامب بشأن “نهاية سريعة وقاسية لحماس” بمثابة تحذير مشروط يربط مصير الحركة بالتزامها بالاتفاقات، بينما تواصل القاهرة لعب دورها التاريخي كوسيطٍ مركزيٍّ بين جميع الأطراف.
