في تطور لافت، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إسرائيل إلى إبرام “صفقة في غزة” من أجل استعادة الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس.
في الوقت نفسه أعلنت الصحف الإسرائيلية استعداد الجيش الإسرائيلي لتصعيد عملياته العسكرية في شمال قطاع غزة، حيث أصدر تعليمات جديدة بإخلاء مناطق واسعة من السكان الفلسطينيين، ما يهدد بموجة نزوح جديدة.
ترامب يدعو إسرائيل لإبرام صفقة
وأمر الجيش الإسرائيلي، آلاف الفلسطينيين بإخلاء مناطق في شمال غزة، تمهيدًا لتكثيف الهجمات ضد مواقع تابعة لحركة حماس، في وقت تتزايد فيه التحركات الإقليمية والدولية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بعد مرور أكثر من عشرين شهرًا على اندلاع الحرب.
ومن المتوقع أن يعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعًا أمنيًا في وقت لاحق اليوم لمناقشة تقدم العملية العسكرية.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع إن الجيش سيبلغ نتنياهو بأن حملته باتت قريبة من تحقيق أهدافها العسكرية، لكنه سيحذّره في الوقت نفسه من أن توسيع العمليات إلى مناطق جديدة في القطاع قد يعرض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر.
ورغم أن المنطقة المستهدفة بالإخلاء سبق أن أُعلنت منطقة محظورة منذ 29 مايو/أيار الماضي، فقد أعاد الجيش الإسرائيلي تحذير سكان شمال غزة وطالبهم مجددًا بمغادرة منازلهم والتوجه نحو منطقة “المواصي” الواقعة جنوب غرب القطاع، بالقرب من خان يونس.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، العقيد أفيخاي أدرعي، في منشور على منصة “إكس” (تويتر سابقًا): “يستخدم الجيش الإسرائيلي أقصى درجات القوة في هذه المناطق، وستتصاعد هذه العمليات وتتكثف وتمتد غربًا حتى مركز المدينة لتدمير قدرات التنظيمات الإرهابية”، محذرًا المدنيين من العودة إلى مناطق القتال، وواصفًا ذلك بأنه “خطر على حياتهم”، وأضاف: “حماس تجلب لكم الكارثة”.
وشملت أوامر الإخلاء أحياء عدة في مدينة غزة ومخيم جباليا، حيث أكد شهود عيان ومسعفون تصاعد وتيرة القصف الإسرائيلي خلال ساعات الليل والفجر، ما أسفر عن تدمير عدد من المنازل ومقتل ستة أشخاص على الأقل في جباليا.
الوضع في قطاع غزة
وفي الجنوب، قُتل خمسة فلسطينيين إثر غارة جوية استهدفت مخيمًا قرب منطقة المواصي في خان يونس، بحسب ما أفادت به طواقم الإسعاف.
في سياق متصل، تتعرض إسرائيل لانتقادات متزايدة من قبل المجتمع الدولي على خلفية مقتل مدنيين خلال توزيع مساعدات غذائية تديرها أطراف مرتبطة بإسرائيل.
وفي هذا الإطار، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن بلاده، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، على استعداد للمساهمة في تأمين توزيع الغذاء داخل غزة.
وقال بارو مساء السبت إن المبادرة الفرنسية تهدف إلى ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها وتفادي وقوعها في أيدي الجماعات المسلحة، وعلى رأسها حماس، لكنه لم يقدم تفاصيل حول آلية التنفيذ.
جهود متجددة للتوصل إلى وقف إطلاق نار
تزامن التصعيد العسكري الإسرائيلي مع انطلاق جهد دبلوماسي جديد من قبل مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة، للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، يشمل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس وإنهاء الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023.
وجاءت هذه التحركات في أعقاب الضربات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة وإسرائيل مؤخرًا ضد منشآت إيرانية يُعتقد أنها على صلة بالبرنامج النووي لطهران، الأمر الذي زاد من حدة التوترات الإقليمية، ودفع بمزيد من الأطراف إلى الضغط باتجاه التسوية في غزة.
في هذا السياق، نشر ترامب رسالة على منصته “تروث سوشيال” في الساعات الأولى من صباح الأحد، قال فيها: “على إسرائيل إبرام صفقة في غزة. استعادة الرهائن!!!”، في دعوة مباشرة لنتنياهو للعودة إلى طاولة المفاوضات، وهو موقف يكرره ترامب منذ أيام، حيث سبق وتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق خلال أسبوع واحد.
اقرأ أيضًا:
تأجيل جزئي لمحاكمة نتنياهو في قضايا الفساد
وفي منشور سابق، طالب ترامب المدعين العامين في إسرائيل بإغلاق قضايا الفساد المرفوعة ضد نتنياهو، معتبرًا أن الأخير “يتفاوض الآن على صفقة مع حماس لاستعادة الرهائن”، في إشارة إلى ضرورة دعم موقف رئيس الوزراء سياسيًا داخليًا في ظل الظروف الحرجة.
من جانبه، قال مسؤول في حركة حماس لوكالة “رويترز” إن الحركة أبلغت الوسطاء المصريين والقطريين باستعدادها لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار، لكنها جددت التأكيد على مطالبها السابقة، والتي تتضمن وقفًا شاملًا للعمليات العسكرية وضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
وكانت إسرائيل قد بدأت عمليتها العسكرية الموسعة على القطاع في أعقاب الهجوم المفاجئ الذي شنّته حماس على جنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واختطاف 251 آخرين، وفقًا للتقديرات الإسرائيلية.
ولا تزال حركة حماس تحتجز نحو 50 رهينة، من بينهم 49 اختطفتهم الحركة خلال هجوم 7 أكتوبر، وتشير بيانات الجيش الإسرائيلي إلى أن من بين هؤلاء 28 شخصًا تأكدت وفاتهم، بينما يُعتقد أن 20 آخرين على قيد الحياة، مع وجود قلق شديد بشأن مصير اثنين منهم، في حين تحتفظ حماس أيضًا بجثة جندي إسرائيلي كان قد قُتل في غزة عام 2014.
وتقول وزارة الصحة التابعة لحماس إن حصيلة القتلى في غزة تجاوزت 56 ألف شخص بين قتيل ومفقود منذ بداية الحرب، في حين ترفض إسرائيل هذه الأرقام، وتؤكد أنها تمكنت من قتل نحو 20 ألف مقاتل حتى يناير الماضي، بالإضافة إلى 1600 عنصر مسلح داخل أراضيها خلال هجوم 7 أكتوبر.