أقرّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الخميس، بوجود احتمال بنسبة 25 في المائة لفشل قمته المرتقبة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، المقررة الجمعة في ألاسكا، لكنه شدد على أن اللقاء سيكون بمثابة تمهيد لاجتماع ثلاثي لاحق يضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بهدف التوصل إلى اتفاق ملموس ينهي الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ أكثر من عامين ونصف.
وأكد ترامب في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” أن قمة ألاسكا لن تشهد بالضرورة اتفاقاً نهائياً، بل ستؤسس للقاء آخر أكثر أهمية، قد يشمل مناقشات حساسة تتعلق بالأراضي المتنازع عليها، مشيراً إلى أنه لا يعتبر مصطلح “تبادل الأراضي” أمراً سلبياً بالضرورة.
تحفظ أوروبي ومخاوف أوكرانية
غياب زيلينسكي عن قمة ألاسكا أثار مخاوف أوروبية من إمكانية إبرام اتفاق ثنائي بين ترامب وبوتين قد يفرض على كييف تقديم تنازلات صعبة. ورغم أن ترامب كان قد لمح في وقت سابق إلى احتمالية مناقشة “تبادل الأراضي”، فإنه بدا وكأنه تراجع عن هذا الطرح بعد محادثات مع قادة أوروبيين، إلا أن تصريحاته الأخيرة تكشف أن الفكرة لا تزال مطروحة في الإطار الثلاثي المحتمل.
ويأتي ذلك وسط تكثيف روسيا لعملياتها العسكرية على الجبهات الأوكرانية، في محاولة للسيطرة الكاملة على مناطق خيرسون وزابوريجيا ولوغانسك ودونيتسك، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد التفاوضي.
أوراق الضغط الأميركية
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أكد أن أي اتفاق سلام يجب أن يتضمن “ضمانات أمنية قوية” لأوكرانيا، إلى جانب بحث قضايا وقف إطلاق النار والنزاعات الحدودية. وأعرب عن تفاؤله الحذر حيال قمة ألاسكا، مؤكداً أن إطالة أمد الحرب سيجعل إنهاءها أكثر صعوبة بسبب تغير موازين القوى على الأرض.
روبيو أشار إلى أن ترامب أجرى نحو أربع مكالمات هاتفية مع بوتين تحضيراً للقاء، ويرى أن الحوار المباشر هو السبيل لاختبار إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل، معتبراً أن واشنطن مستعدة لبذل كل ما بوسعها لدعم جهود إنهاء القتال، لكن القرار النهائي يبقى بيد موسكو وكييف.
ضمانات أمنية تثير الجدل
القادة الأوروبيون أبدوا قدراً من التفاؤل بعد أن أظهر ترامب استعداداً لدعم ضمانات أمنية لكييف، وهو موقف منح زيلينسكي بعض الأمل عشية القمة، رغم غموض التفاصيل. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوضح أن ترامب شدد على ضرورة استبعاد حلف الناتو من هذه الضمانات، مع إشراك الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، في إشارة لاعتبارات تخص الجانب الروسي.
المستشار الألماني فريدريتش ميرتس أكد أن الضمانات ستكون قوية، بينما كشف مسؤولون أوروبيون أن هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها ترامب صراحة استعداده لتقديم دعم أمني مباشر لأوروبا وأوكرانيا. ومع ذلك، تبقى الأسئلة مطروحة حول ماهية هذه الضمانات وآليات تنفيذها.
تحركات دبلوماسية مكثفة
زيلينسكي من جانبه واصل جولاته الخارجية، حيث التقى في لندن برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، لبحث الضمانات الأمنية والضغوط اللازمة على روسيا لوقف عملياتها العسكرية والانخراط في عملية سلام حقيقية.
قمة ألاسكا تعقد في وقت حساس، إذ تحاول موسكو استثمار تقدمها الميداني لتحسين شروط التفاوض، بينما تسعى واشنطن وحلفاؤها لتثبيت موقف أوكرانيا ومنع أي تسوية تُضعف موقعها الاستراتيجي مستقبلاً.
تصريحات تهديدية من ترامب
قبل ساعات من القمة، لوّح ترامب بـ”عواقب وخيمة” على روسيا في حال رفضت الانخراط في اتفاق سلام، ملمحاً إلى إمكانية فرض عقوبات اقتصادية جديدة.
لكن محللين يرون أن موسكو ستبقى متمسكة بمواقفها المعلنة سابقاً، ما قد يجعل مهمة ألاسكا أكثر تعقيداً مما تبدو عليه.