شهدت الحدود بين أفغانستان وباكستان، السبت، مواجهات عنيفة أعقبت اتهامات وجهتها كابول لإسلام آباد بانتهاك أراضيها عبر قصف استهدف سوقًا مدنيًا في منطقة باتيكا الحدودية جنوب شرق البلاد، ما ينذر بعودة التوتر بين الجارتين بعد أشهر من الهدوء النسبي.
طالبان تتهم باكستان بقصف أراضٍ أفغانية
وقالت وزارة الدفاع التابعة لحركة طالبان في بيان رسمي، الجمعة، إن الجيش الباكستاني نفذ قصفًا مدفعيًا على سوق مدني في مقاطعة باتيكا، مما أدى إلى تدمير عدد من المتاجر، دون الكشف عن حصيلة الخسائر البشرية.

ونقلت الخدمة الأفغانية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن سكان محليين قولهم إنهم شاهدوا ألسنة اللهب تتصاعد من المكان بعد دوي انفجارين قويين هزا المنطقة مساء الخميس.
ولم تصدر باكستان تعليقًا رسميًا حتى الآن، إذ لم تؤكد أو تنفِ تنفيذ أي عمليات عسكرية داخل الأراضي الأفغانية.
الجيش الباكستاني: أفغانستان تُستخدم كمنصة للإرهاب
وفي المقابل، قال الجنرال أحمد شريف شودري، أحد كبار قادة الجيش الباكستاني، في مؤتمر صحفي بمدينة بيشاور، إن بلاده لن تتهاون مع أي تهديد أمني يأتي من الأراضي الأفغانية، مشيرًا إلى أن “أفغانستان تُستخدم كقاعدة لعمليات إرهابية ضد باكستان”.

وأضاف شودري أن الجيش الباكستاني سيتخذ “التدابير اللازمة لحماية أرواح وممتلكات المواطنين”، في إشارة ضمنية إلى إمكانية توجيه مزيد من الضربات داخل الأراضي الأفغانية.
اتهامات متبادلة بين طالبان أفغانستان وطالبان باكستان
تأتي هذه التطورات في ظل تبادل الاتهامات المستمر بين الجانبين، حيث تتهم إسلام آباد حركة طالبان الأفغانية بالسماح لعناصر حركة طالبان الباكستانية (TTP) باستخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات ضد أهداف باكستانية، لكن حكومة طالبان في كابول تنفي بشدة تلك الادعاءات، مؤكدة أنها “لن تسمح باستخدام أراضي أفغانستان للاعتداء على أي دولة”.

غموض حول انفجارات كابول وشائعات عن استهداف قيادي بارز
تزامنت هذه التطورات مع انفجارات غامضة شهدتها العاصمة كابول، الخميس، وسط شائعات تحدثت عن استهداف الزعيم البارز في حركة طالبان باكستان نور والي محسود.
وردًا على تلك الأنباء، نشرت الحركة رسالة صوتية منسوبة لمحسود أكد فيها أنه “على قيد الحياة”، لكن لم يتم التحقق من صحة التسجيل بشكل مستقل.
ورغم التقارير الأولية، لم يعثر مراسل بي بي سي في كابول على دلائل واضحة لانفجار كبير في المواقع المشار إليها، إلا أنه أشار إلى انتشار أمني كثيف ونقاط تفتيش متنقلة تابعة لحركة طالبان.
اقرأ أيضًا:
أكسيوس: ترامب يخطط لعقد قمة دولية في شرم الشيخ.. والسيسي يحشد العالم لدعم اتفاق غزة التاريخي
تحذيرات أفغانية وتأكيد على رغبة في التهدئة
وفي ختام بيانها، حذرت وزارة الدفاع التابعة لطالبان من أن أي تصعيد إضافي “ستتحمل باكستان عواقبه”، في وقت أبدت فيه رغبة واضحة بتجنب المواجهة العسكرية.
وقال وزير خارجية طالبان، الذي يزور العاصمة الهندية نيودلهي حاليًا، إن حكومة بلاده “تسعى إلى الحفاظ على علاقات طيبة مع باكستان” رغم التوتر الحالي، مشددًا على أهمية “الحوار بدل المواجهة”.
خلفية الصراع
يُذكر أن العلاقات بين أفغانستان وباكستان تشهد توترات متكررة منذ عقود بسبب النزاع الحدودي وقضية دعم الجماعات المسلحة، حيث تتهم كل دولة الأخرى بالتقاعس عن ضبط الحدود الممتدة لأكثر من 2600 كيلومتر.
وتعتبر حركة طالبان الباكستانية أحد أبرز أسباب التوتر بين الجانبين، إذ تنفذ الحركة هجمات داخل باكستان انطلاقًا من مناطق حدودية أفغانية يصعب السيطرة عليها.