تسود حالة من القلق في الشارع الإيراني، لا سيما بين النشطاء والمعارضين السياسيين، وسط مؤشرات قوية على تشديد الإجراءات الأمنية من قبل السلطات، عقب انتهاء الحرب الأخيرة التي اندلعت مع إسرائيل واستمرت 12 يومًا. وتزايدت هذه المخاوف بعد تقارير عن اعتقالات واسعة النطاق، ونقل سجناء سياسيين إلى أماكن احتجاز غير معلومة، وتشديد غير مسبوق في المراقبة والتفتيش في مختلف أنحاء البلاد.
اعتقالات وتضييق في إيران بعد وقف إطلاق النار
ووفقًا لما أوردته صحيفة الغارديان البريطانية، فإن عائلات العديد من السجناء السياسيين أعربت عن قلقها العميق حيال مصير ذويهم، خاصة بعد أن قامت السلطات الإيرانية بنقل عدد غير معروف من نزلاء سجن إيفين الشهير قرب طهران إلى مواقع احتجاز أخرى، عقب قصف إسرائيلي استهدف محيط السجن خلال المواجهات. وحتى الآن، لا يُعرف موقع هؤلاء السجناء بدقة، لكن بعضهم تمكن من التواصل مع ذويهم، مشيرين إلى أن ظروف الاحتجاز في أماكنهم الجديدة أسوأ من تلك في سجن إيفين.

مراقبة مشددة وتفتيش إلكتروني
ومنذ إعلان وقف إطلاق النار بين طهران وتل أبيب، تصاعدت الإجراءات الأمنية في إيران، حيث كثفت السلطات من عدد نقاط التفتيش في المدن، وفرضت إجراءات صارمة على المواطنين، شملت تفتيش الهواتف المحمولة في الشوارع، واعتقال البعض بناءً على نشاطهم الإلكتروني، بحسب ما نقلته الصحيفة عن شهود ونشطاء.
وترى أوساط حقوقية أن هذه الممارسات تأتي في سياق حملة أمنية واسعة النطاق، تهدف إلى استباق أي تحرك داخلي معارض بعد الحرب، مستندة إلى ذريعة مواجهة اختراق استخباراتي إسرائيلي واسع النطاق، كانت طهران قد اعترفت به مؤخرًا.
أكثر من 700 معتقل ومقترح لتغليظ العقوبات
وفي هذا السياق، ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أنه تم اعتقال أكثر من 700 شخص خلال فترة الحرب، بتهم تتعلق بالتعاون مع إسرائيل، وهو رقم أثار قلق المنظمات الحقوقية داخل وخارج إيران.
كما كشفت الغارديان عن مساعٍ برلمانية لتمرير قانون جديد يسمح بتطبيق عقوبة الإعدام على المتهمين بالتعاون مع قوى أجنبية، في مؤشر على اتجاه النظام نحو مزيد من التشدد، في التعامل مع أي مظاهر معارضة أو نشاط سياسي مستقل.
اقرأ أيضًا:
جهاز الشاباك يعتقل زوجين إسرائيليين بتهمة التجسس لصالح إيران
النشطاء يحذرون من استغلال “أجواء ما بعد الحرب”
وحذر عدد من النشطاء الإيرانيين من أن الحكومة قد تستغل الأوضاع الأمنية التي خلفتها الحرب لقمع المعارضة، وتصفية الحسابات مع خصومها السياسيين، لاسيما في ظل الصمت الدولي، وانشغال العالم بتداعيات المواجهة بين إيران وإسرائيل.
يُذكر أن القتال بين البلدين بدأ في 13 يونيو الماضي، بسلسلة من الضربات الجوية الإسرائيلية، ردّت عليها طهران بهجمات صاروخية وطائرات مسيّرة، قبل أن تنتهي الجولة العسكرية باتفاق غير رسمي لوقف إطلاق النار.

ومع انحسار العمليات العسكرية، يبقى الملف الداخلي الإيراني مفتوحًا على احتمالات مقلقة، تتعلق بمزيد من التضييق على الحريات العامة وحقوق الإنسان، وسط مطالب متزايدة بمراقبة أممية مستقلة للأوضاع الحقوقية في البلاد.