أشعلت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تحدث فيها عن كونه في “مهمة تاريخية وروحية” مرتبطة بما يسمى “إسرائيل الكبرى”، موجة غضب عربية عارمة. وأدان الأردن وقطر هذه التصريحات بوصفها استفزازًا خطيرًا وتهديدًا لسيادة الدول، في حين حذّر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي من أن هذه التصريحات تمثل “انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي” وتشكل تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
الأردن: أوهام عبثية ومحاولة لتصدير الأزمة الداخلية
أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية، السفير سفيان القضاة، رفض المملكة المطلق لما وصفه بـ”التصريحات التحريضية”، مشددًا على أن هذه “الأوهام العبثية” لن تنال من الأردن والدول العربية، ولن تنتقص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وأوضح القضاة أن هذه المواقف الإسرائيلية تعكس مأزق حكومة نتنياهو المتزامن مع عزلتها الدولية، في ظل استمرار عدوانها على غزة والضفة الغربية، مطالبًا بتحرك دولي عاجل لوقف التصريحات والممارسات المهددة للأمن والسلم في المنطقة.
قطر: نهج قائم على الغطرسة وتأجيج الصراعات
من جانبها، استنكرت قطر تصريحات نتنياهو، معتبرة أنها امتداد لنهج الاحتلال القائم على الغطرسة وتأجيج الأزمات والتعدي السافر على سيادة الدول. وأكدت وزارة الخارجية القطرية أن هذه الادعاءات الإسرائيلية الزائفة لن تنتقص من الحقوق المشروعة للدول والشعوب العربية، داعية المجتمع الدولي إلى التضامن لمواجهة هذه الاستفزازات التي تعرض المنطقة لمزيد من الفوضى والعنف.
خلفيات تصريحات نتنياهو و”هدية” الخريطة
جاءت تصريحات نتنياهو في مقابلة مع قناة “i24” الإسرائيلية، حيث تحدث عن “الحلم الإسرائيلي” باعتباره مهمة أجيال متعاقبة. وخلال الحوار، أهداه المذيع شارون جال تميمة تحمل خريطة “إسرائيل الكبرى” تشمل القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان. ورغم أن صورة الهدية لم تُعرض على الشاشة، فإن المقابلة أثارت جدلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وسط تحذيرات من أطماع إسرائيل التوسعية.
خبراء: مغازلة للداخل الإسرائيلي ومخطط لإعادة رسم خريطة المنطقة
اعتبر خبراء سياسيون أن تصريحات نتنياهو تمثل محاولة واضحة لمغازلة الداخل الإسرائيلي، وتثبيت الدعم الداخلي عبر إحياء فكرة “إسرائيل الكبرى”. وأكد اللواء محمد عبد الواحد، الخبير في الأمن القومي المصري، أن هذه التصريحات “الأجرأ على الإطلاق” وتعكس طموحًا استراتيجيًا لتوسيع النفوذ الإسرائيلي. أما الإعلامي مصطفى بكري، فحذر من أن هذه التصريحات تكشف المخطط الحقيقي لإسرائيل، داعيًا إلى استعداد عربي لمواجهة هذا الخطر.
دعوات لموقف عربي موحد
شدد السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، على أن تصريحات نتنياهو تستلزم ردًا عربيًا موحدًا، لكونها جزءًا من مخطط مدعوم أمريكيًا لإعادة صياغة الشرق الأوسط. وأوضح أن نتنياهو يسعى لتسويق نفسه أمام الولايات المتحدة كزعيم يخوض معركة مصيرية تمس عقيدة الدولة الصهيونية، ما يمنح الحرب على غزة والضفة غطاءً أيديولوجيًا.
أبعاد سياسية وتوقيت حساس
أكد محللون أن توقيت تصريحات نتنياهو يأتي وسط انتقادات دولية متصاعدة لسياسة إسرائيل في غزة، ومحاولات حثيثة للاعتراف بدولة فلسطين.
ويرى الدكتور عبد الحكيم القرالة، المحلل السياسي الأردني، أن نتنياهو يحاول التغطية على جرائم الحرب عبر تصويرها كجزء من “مهمة تاريخية”، فضلًا عن سعيه لعرقلة أي مسار سياسي قد يؤدي إلى تسوية شاملة للقضية الفلسطينية.
اقرأ ايضًا…مجازر إسرائيلية في غزة: 123 شهيدًا في يوم واحد وتحذيرات أممية من جرائم وانتهاكات