في خطوة وصفت بأنها الأكثر إثارة للجدل منذ بداية الحرب على غزة، صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) على خطة شاملة لاحتلال كامل مدينة غزة، رغم الانقسام الحاد بين القيادات السياسية والعسكرية حول جدوى الخطة ومخاطرها المستقبلية.
جلسة مطوّلة ونقاشات حادة
بحسب ما ذكره موقع i24 news الإسرائيلي، فقد استمرت جلسة الكابينت أكثر من ست ساعات، شهدت خلالها أروقة الاجتماع خلافات علنية بين الوزراء وقادة الجيش الإسرائيلي حول أسلوب إدارة الحرب وخطط ما بعد السيطرة على غزة.

ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإن الجيش سيبدأ التحضيرات الميدانية لتنفيذ السيطرة الكاملة على المدينة، على أن يتم إجلاء المدنيين تدريجياً حتى السابع من أكتوبر المقبل، في خطوة اعتبرها مراقبون “رمزية” من حيث التوقيت والدلالة.
وتشمل الخطة تنفيذ الاحتلال بشكل تدريجي، بالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية في باقي مناطق القطاع.
المبادئ الخمسة لإنهاء الحرب
أوضح بيان الحكومة الإسرائيلية أن الخطة العسكرية والسياسية لإنهاء الحرب تقوم على خمسة مبادئ رئيسية:
نزع سلاح حركة حماس بشكل كامل.
استعادة جميع المختطفين، سواء الأحياء أو الجثامين.
نزع سلاح قطاع غزة بأكمله، وليس مدينة غزة فقط.
فرض سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة على القطاع.
إنشاء إدارة مدنية بديلة، لا تضم حماس ولا السلطة الفلسطينية.
انقسامات داخل القيادة الإسرائيلية
خلال الجلسة، أقر الوزراء خطة نتنياهو، بينما قدم رئيس الأركان الجنرال إيال زامير خطة بديلة لم تحظَ بالتصويت الإيجابي.
وبرزت خلافات حادة بين وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ورئيس الأركان، حيث أبدى بن غفير تشدداً في رفض أي ترتيبات لا تتضمن تشجيع الهجرة وضم قطاع غزة، ورفض التصويت على بنود “اليوم التالي” للخطة.
كما عبّر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش عن موقفه المتشدد قائلاً: “لا يجوز التوقف في منتصف الطريق. يجب أن تدفع حماس ثمن ما فعلته”، رافضاً أي صيغة لـ”صفقة مؤقتة”.
وزيرة المواصلات ميري ريغيف طالبت بـ”الحسم العسكري”، بينما اعتبر الوزير زئيف ألكين خطة الجيش “إجراءً أمنياً” يشبه ما يجري في الضفة الغربية، وليس حرباً حاسمة.
اقرأ أيضًا:
تقارير: إدارة ترامب تعتزم تولي الملف الإنساني في غزة وسط تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار
معارضة شديدة من الداخل والخارج
لم تقتصر الانتقادات على صفوف الحكومة، بل امتدت إلى المعارضة الإسرائيلية، حيث وصف زعيم المعارضة يائير لابيد قرار الكابينت بأنه “كارثة ستقود إلى كوارث إضافية”.
واتهم لابيد وزيري الأمن القومي والمالية بـ”جر نتنياهو إلى مغامرة غير محسوبة”، معتبراً أن الخطة تتعارض مع تقديرات الجيش وقيادات الأمن، وستؤدي إلى إطالة أمد الحرب لشهور طويلة، وتعرض حياة المختطفين والجنود للخطر، إضافة إلى كلفتها الباهظة التي قد تصل لعشرات المليارات من الشيكلات.
وأضاف لابيد: “هذه بالضبط هي استراتيجية حماس، جر إسرائيل إلى معركة برية بلا أهداف واضحة، في احتلال عبثي مجهول المآلات”.
تداعيات سياسية وعسكرية مفتوحة
يرى محللون أن قرار الكابينت الإسرائيلي يعكس تعميق الانقسام بين المستويين السياسي والعسكري، وأن الخطة قد تواجه تحديات كبيرة على المستويين الميداني والدبلوماسي. كما يحذر مراقبون من أن غياب رؤية واضحة لـ”اليوم التالي” سيجعل إسرائيل في مواجهة استنزاف عسكري واقتصادي، وربما عزلة سياسية أكبر على الصعيد الدولي.