أطلق خبراء تحذيرًا من انتشار متزايد لطفيلي قاتل يُعرف باسم “حمى الحلزون”، يُصيب البشر عبر ديدان تعيش داخل حلزونات المياه العذبة، في وجهات أوروبية تُعد من أشهر مواقع قضاء العطلات.
وأشارت بيانات جديدة، حصلت عليها صحيفة “ميل أونلاين”، إلى أن عدد المسافرين البريطانيين الذين عادوا إلى بلادهم حاملين هذا الطفيلي قد بلغ مستوى قياسيًا.
طفيلي “حمى الحلزون”
تخترق هذه الدودة، وهي من الديدان المثقوبة الدموية، جلد الإنسان عند ملامسة المياه الملوثة، لتُطلق آلاف البيوض التي تنتشر داخل الجسم وتُصيب أعضاء حيوية، مُسببة مرضًا يُعرف بالبلهارسيا، أو “حمى الحلزون”.
وغالبًا ما تحدث العدوى عند السباحة أو الاستجمام في المياه العذبة.
ويُعد هذا المرض من الأمراض الخطيرة، إذ يمكن أن يؤدي إلى العقم، والعمى، وتلف دائم في الأعضاء الداخلية، وحتى الإصابة بسرطان المثانة في حال تُرك دون علاج.
وخلال فعالية علمية استضافتها مؤسسة “ويلكوم ترست” في لندن الأسبوع الماضي، أكد علماء أن المرض، الذي كان يقتصر سابقًا على دول إفريقيا جنوب الصحراء، بدأ ينتشر في أجزاء من جنوب أوروبا.
وقد تم الإبلاغ عن حالات تفشي للمرض في بحيرات وأنهار وجهات سياحية شهيرة مثل إسبانيا، والبرتغال، وبعض المناطق في فرنسا.
اقرأ أيضًا
فوائد حبوب القهوة الخضراء.. كيف يمكن أن تحسن طاقتك وصحتك؟
123 حالة إصابة بالبلهارسيا
وكشفت بيانات حكومية بريطانية عن تضاعف عدد الإصابات المُسجلة: فقد سُجلت 123 حالة إصابة بالبلهارسيا في عام 2022، وهو ما يزيد بأكثر من الضعف مقارنة بالعام السابق، ويُعادل قرابة ثلاثة أضعاف عدد الإصابات المُسجلة قبل جائحة كوفيد-19.
وأوضحت الدكتورة بوني ويبستر، الباحثة الرئيسية في قسم موارد حلزون البلهارسيا بمتحف التاريخ الطبيعي، أن مصدر العدوى هو مسافرون قادمون من إفريقيا، لا سيما من السنغال.
وقالت لصحيفة “التلغراف”: “إن هؤلاء المسافرين هم من جلبوا الطفيليات، وبمجرد إصابة حلزون واحد، تنتشر العدوى إلى باقي الحلزونات، ثم إلى أعداد كبيرة من البشر”.
ويرى الخبراء أن هناك عاملين رئيسيين وراء تفشي المرض في أوروبا: الأول هو استيراد الديدان من قبل السياح، والثاني هو تغيّر المناخ الذي جعل المياه الأوروبية أكثر دفئًا، ما يوفر بيئة مثالية لنمو وانتشار الطفيلي.
ومنذ عام 2014، سُجلت أكثر من 120 حالة إصابة في جزيرة كورسيكا الفرنسية، ويُعتقد أن العدوى وصلت إليها من خلال أفراد قادمين من السنغال. كما تم رصد حالات تفشي متفرقة في إسبانيا والبرتغال.
ورغم أن البيانات الرسمية لا تُشير إلى حجم انتشار كبير، إلا أن الخبراء يحذرون من احتمال أن يكون عدد المصابين أعلى بكثير بسبب التشخيص الخاطئ أو غياب الأعراض في بعض الحالات.
خطورة العدوى
وتتمثل خطورة العدوى في أن الإنسان المصاب يمكنه نقل الطفيلي إلى مصادر المياه العذبة عبر البول أو البراز، مما يُسهم في إصابة الحلزونات، التي تُصبح بدورها ناقلة للعدوى إلى بشر آخرين.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 250 مليون شخص أُصيبوا بداء البلهارسيا عام 2021، 90% منهم في إفريقيا، ويُقدّر أن حمى الحلزون تتسبب في وفاة نحو 12 ألف شخص سنويًا نتيجة مضاعفاتها.
وتبدأ أعراض المرض بطفح جلدي متكتل ومثير للحكة، ويُعرف باسم “حكة السباحين”، وقد تتطور إلى حمى، وسعال، وآلام عضلية ومعدية، وإسهال، وتعب عام. ولكن اللافت أن هذه الأعراض لا تنتج عن الدودة نفسها، بل عن استجابة جهاز المناعة لآلاف البيوض التي تطلقها الطفيليات داخل الجسم.
ويُحذر الأطباء من إمكانية تشخيص المرض بشكل خاطئ في مراحله الأولى، ما قد يؤدي إلى تأخر العلاج وظهور مضاعفات طويلة الأمد، تشمل تلفًا في الأعضاء الحيوية، وفي بعض الحالات النادرة، يمكن أن تصل البيوض إلى الدماغ والحبل الشوكي، مسببة مشكلات صحية خطيرة.
وتوصي هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) أي شخص تظهر عليه الأعراض بعد زيارة منطقة معروفة بانتشار الطفيلي، بمراجعة الطبيب على الفور.
ويُعالج داء البلهارسيا عادةً باستخدام عقار يُسمى “برازيكوانتيل”، والذي يُثبت فعالية عالية في القضاء على الديدان. وللوقاية، يُنصح بتجنب السباحة أو التجديف في المياه العذبة في المناطق المُعرضة، حيث لا تستطيع الديدان البقاء في البحر أو في أحواض السباحة المُكلورة.